لما أمعنت النظر في كتابه رأيته أكثر من مثل هذا لكنه أغنى عن التصريح بقوله، قلت: قليل بالنسبة إلى الأخذ بغير لفظه.
قلت: وسيجزي الله تعالى كلا بفعله، وما الله بظلام للعبيد، ومن هنا أشرع في بعض اعتراضاته على ترتيب الكتاب والله الهادي للصواب، من باب كيف كان بدءُ الوحي إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - (?).
قال (ح): قوله: حدّثنا الحميدي .. إلى أنّ قال: كأن البخاريّ امتثل قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "قَدِّموا قُرَيْشًا" فافتتح كتابه بِالرِّوَايَةِ عنه لكونه أفقه قرشي أخذ عنه، ولأنّه مكي كشيخه فناسب أنّ يذكر في أول ترجمة بدء الوحي لأنّ ابتداءه كان بمكة ومن ثمّ ثنى بالرواية عن مالك لأنّه شيخ أهل المدينة، وهي تالية لمكة في نزول الوحي وفي جميع الفضل، ومالك وابن عيينة قريبان.
قال الشّافعيّ: لولاهما لذهب العلم من الحجاز (?).
قال (ع): فإن قلت: لم قدم رواية الحميدي على غيره من مشايخه؟
قلت: هذا السؤال ساقط لأنّه لو قدم رواية غيره لكان يقال لم قدم على غيره.
وقال بعضهم: قدم الرِّواية عن الحميدي لأنّه قرشي، وساق كلام (ح) ثمّ قال: قلت: وليس البخاريّ هنا في صدد بيان فضيلة قريش ولا مكّة حتّى يبتدىء برواية قرشي مكي، وأيضًا فقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "قَدِّمُوا قُرَيْشًا" إنّما هو