قلت: أمّا وجهه الأوّل فليس على إطلاقه، بل إذا كان النفي في شيء محصور قدم على الإثبات، وهو هنا كذلك فإنّه نسبه إلى حديث الزهريّ جمع الذهلي، وليس هو فيه كما قال، بل بسند آخر، وكان ينبغي للمعترض أن يراجع الكتاب المذكور، فإن وجده فيه اتجه الرد على النافي.
وأمّا وجهه الثّاني فيستفاد من الجواب الأوّل.
وأمّا وجهه الثّالث فمردود, لأنّه لا تفاضل هنا، فقد يقع للمفضول ما لا يقع للفاضل، والإِنسان لا يستنكر منه النِّسيان.
وأمّا وجهه الرّابع فلم ينحصر الوقوف على حقيقة الحال في ذلك في معرفة زمانهما وزمانه، بل الوقوف على حقيقة ذلك. يؤخذ ممّا سبق به أئمة هذا الفن في ترجمة كلّ من الثّلاثة، فلا يوجد في كتاب من كتب أسماء الرجال في ترجمة عبد الرّحمن بن خالد أن أحدًا من هذين الاثنين عد في الرواة عنه، ولا في ترجمة واحد منهما أنّه عد في شيوخهما، ويقرب ذلك أن المزي صاحب التهذيب جمع في ذلك فأوعى باعتراف أهل عصره وتسليمهم له في الفن، حتّى جاء مغلطاي فذكر أنّه غلط في أشياء جمعها في كتابه الذي سماه إكمال تهذيب الكمال، فأمّا تهذيب المزي فلم يقع فيه شيء ممّا نفيناه وهذا هو موجود بأيدي الطلبة، وأمّا استدراك مغلطاي فهو موجود بخطه، فلينظر المعترض هل ذكر في تصنيفه الذي استدرك فيه على المزي شيئًا ممّا نفاه (ح)؟ فإن وجد منه شيئًا اتجه له الاعتراض على (ح) ووجب على (ح) الرجوع إلى الحق، وإن لم يجد شيئًا فليعرف قدره ولا يتعد طوره، فإن لو ضرب من شرحه على ما نقله من التلويح والتوضيح والدراري والفتح لم يفضل له إِلَّا ما قدر له بالنسبة إلى ما ضرب عليه وبالكلية مع ذلك جمع في ديوان واحد وعزا كلّ قول لقائله بل هو على الدوام فإنّه يغير على كلامهم غير مناسب لهم خصوصًا الفتح، فلا يزال يسلب كلامه بعينه حتّى مباحثه