الجيش الإسلامي داعية بسلوك قادته، وأفراده، وعلمائه، في أقوالهم وأعمالهم. تدفعهم العقيدة للجهاد، والرغبة في إنقاذ الأمم والأفراد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. وقد تميزوا بالتمسك بالعقيدة، والتزموا بأحكام دينهم. فكان الخلفاء والقادة يوصون جندهم بالاستعانة بالله، والتقوى، وإيثار أمر الآخرة على الدنيا، والإخلاص في الجهاد، وإرادة الله في العمل، والابتعاد عن الذنوب1. فكان عمل القادة والجند تبليغ الدعوة، وتميزت مواقفهم بأنها أنبل المواقف التي عرفها التاريخ العالمي.
فكان القادة على رأس جندهم، يتلقون الصدمات الأولى في معارك الجهاد، فاستشهد كثير منهم مثل: المثنى بن حارثة الشيباني، وأبو عبيد الثقفي الذي اندفع لنيل الشهادة مع أولاده الأربعة يوم الجسر مع سبعة من قادة المسلمين، وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الأزور، والنعمان بن مقرن رضي الله عنهم جميعاً.
والقادة الذين ضربوا أروع أمثلة الجهاد في سبيل الله كثير عددهم مثل:
أبو عبيدة عامر بن الجراح- أمين الأمة- وشرحبيل بن حسنة، ومعاذ بن جبل، وحذيفة ابن اليمان، وعمرو بن العاص، والزبير بن العوام، والقعقاع بن عمرو التميمي، وعاصم بن عمرو التميمي، ويزيد بن أبي سفيان، وعياض بن غنم، وهاشم المرقال، وسعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان، والأحنف بن قيس، وعبد الله بن عامر وغيرهم كثير رضي الله عنهم جميعاً من القادة الذين أنجبتهم مدرسة الإسلام، وربوا على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو صحابته. فضربوا أعظم الأمثلة في النبل، والشجاعة، والوقار، والتقوى، فكان أثرهم كبيرًا في عوامل النصر، وفي تبليغ الدعوة في البلاد المفتوحة.
وكان من السنة التي سن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد معركة بدر الكبرى عام 2 هـ- أولى معارك الإسلام الحاسمة- أن تقرأ سوره الجهاد عند اللقاء، وهي سورة الأنفال2 ليبقى تعلق الجند بالله، والثقة بنصر الله.