ظلمه وغدره وتعسفه الأمرين. وكانت الملكة إيسابيلا قد سبقته إلى حتفها في 26/ 11 / 1504 م ودفنت على هضبة الحمراء، ودفن فراندو بقربها حسب وصيته. ثم نقل حفيدهما كارلوس الخامس رفاتهما إلى كنيسة غرناطة الكاتدرائية القائمة فوق مسجد غرناطة الأعظم.
لما هلك فراندو الكاثوليكي خلفه سبطه كارلوس الخامس، أولاً تحت وصاية الكاردينال سيسيزوس، ثم انفرد بالحكم بعد سنة 1519 م. وتنفس الأندلسيون الصعداء بعد موت فراندو، إذ واجههم ابنه في أول أمره بشيء من اللين وخفت حدة
محاكم التفتيش بعض الشيء.
لكن هذا الوضع لم يدم طويلاً، إذ تحولت أوضاع الأندلسيين من جديد إلى الأسوأ سنة 1524 م، وظهر كارلوس الخامس كأكبر عدو للإسلام في أوروبا والبحر الأبيض المتوسط.
وفي سنة 1518 م أصدر الملك أحكامًا قاسية بحق المسلمين فأوفد الأندلسيون للملك وفدًا للشكوى من تظلمهم. فلم يأت ذلك بطائل. وصدر مرسوم جديد في 12/ 3 / 1524 م يحتم تنصير كل مسلم بقي على دينه وإخراج كل من أبى التنصير من إسبانيا، وأن يعاقب كل من أبى التنصير أو الهجرة في المهلة الممنوحة بالرق مدى الحياة، وأن تحول جميع المساجد الباقية إلى كنائس. فأرسل المورسكيون وفدًا إلى الملك بمجريط (التي أصبحت عاصمة إسبانيا الجديدة) يلتمسون منه من جديد حمايته وعدله ويستغيثون به. فانتقل كارلوس الخامس في يونيو عام 1526 م إلى غرناطة وبقي فيها إلى غاية ديسمبر من نفس السنة لمتابعة الموضوع بنفسه وإيجاد حل له.
فندب الملك محكمة كبرى مكونة من النواب والقساوسة والقادة وقضاة التفتيش برئاسة"المفتش العام"لتنظر في ظلامة المورسكيين، ولتقرر فيما إذا كان تنصير المسلمين قسرًا صحيحًا وملزمًا أم لا. فإذا كان هذا التنصير صحيحًا عوقب المخالف بالموت حرقًا كمرتد. وقد قدمت المحكمة تقريرها في سبتمبر عام 1526 م أكدت فيه أن المورسكيين هم فعلاً ضحية اعتداءات متواصلة من طرف النصارى القدامى الذين يشتمونهم في الطرقات ويستغلونهم شر استغلال ويهينونهم رجالاً ونساء دون حماية القانون. لكن المحكمة قررت كذلك أن تنصير المسلمين القسري صحيح ولا
طعن فيه. وفي 29/ 9 / 1526 م وقع الملك على حوالي 40 لائحة لتحديد تظلم