خاطىء آخر وهو أنه يمكنهم المحافظة على الإسلام في قلوبهم سرًّا متظاهرين بالنصرانية إلى أن يأتي فرج من الله. وكان فقهاؤهم ينشرون قصصًا مؤملة تعدهم برجوع سطوة الإسلام إلى الأندلس لإنقاذهم. وكان الأندلسيون على صلة وثيقة بإخوانهم في المغرب، وكان المتطوعة في غياب مساندة دول المغرب يقطعون البحر باستمرار لمساعدة إخوانهم أو تهريبهم وإيصال المراسلات إليهم من تشجيع وفتاوى.
وهكذا أرسل مفتي وهران، أحمد بن بوجمعة المغراوي، وهو أندلسي من بلدة المغرو بمقاطعة قلعة رباح، فتوى بتاريخ غرة رجب سنة 910 هـ (18/ 11 / 1504 م) هذا نصها: " الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا.
إخواننا القابضين على دينهم كالقابض على الجمر، من أجزل الله ثوابهم فيما لقوا في ذاته، وصبروا النفوس والأولاد في مرضاته، الغرباء القرباء إن شاء الله، من مجاورة نبيه في الفردوس الأعلى من جناته، وارثو سبيل السلف الصالح في تحمل المشاق، وإن بلغت النفوس إلى التراق. نسأل الله أن يلطف بنا، وأن يعيننا وإياكم على مراعاة حقه بحسن إيمان وصدق، وأن يجعل لنا ولكم من الأمور فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا. بعد السلام عليكم من كتابه إليكم، من عبيد الله أصغر عبيده، وأحوجهم إلى عفوه ومزيده، عبيد الله تعالى أحمد بن بوجمعة المغراوي ثم الوهراني، كان الله للجميع بلطفه وستره، سائلاً من إخلاصكم وغربتكم حسن الدعاء بحسن الخاتمة والنجاة من أهوال هذه الدار، والحشر مع الذين أنعم الله عليهم من الأبرار".
" مؤكدًا عليكم في ملازمة دين الإسلام، آمرين به من بلغ من أولادكم إن لم تخافوا دخول شر عليكم من إعلام عدوكم بطويتكم. فطوبى للغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس، وإن ذاكر الله بين الغافلين كالحي بين الموتى. فاعلموا أن الأصنام خشب منجور، وحجر جلمود لا يضر ولا ينفع، وأن الملك الله ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله. فاعبدوه، واصطبروا لعبادته. فالصلاة ولو بالإيماء، والزكاة ولو كأنها هدية لفقيركم أو رياء. لأن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن إلى قلوبكم. والغسل من الجنابة ولو عومًا في البحور. وإن منعتم فالصلاة قضاء بالليل لحق النهار، وتسقط في الحكم طهارة الماء، وعليكم بالتيمم ولو مسحًا بالأيدي للحيطان، فإن لم يمكن فالمشهور سقوط الصلاة وقضاؤها لعدم الماء والصعيد، إلا أن يمكنكم الإشارة إليه