على استحضار أبنائه من غرناطة، وأن ترجع له جميع أملاكه بها. لكن الزغل لم يطق حياة الذل هذه مدة طويلة، فتنازل على جميع حقوقه للطاغية، وجاز البحر إلى وهران، ثم انتقل إلى تلمسان حيث كان استقراره. وهاجر معه إلى تلمسان عدد من قواده.

ولم يبقَ على الملكين الكاثوليكيين للقضاء على دولة الإسلام في الأندلس سوى الاستيلاء على ما بيد أبي عبد الله، خاصة مدينة غرناطة ففي أوائل صفر عام 895 هـ (فاتح سنة 1490 م) أرسل فراندو سفارة إلى أبي عبد الله يطلب منه تسليم قصور الحمراء على أن يبقى مقيمًا في غرناطة تحت حمايته، وأن يمده بالمال الكثير. فرفض أبو عبد الله الطلب برسالة مؤرخة ب 29 صفر 895 هـ (22/ 1 / 1490 م) أرسلها مع القائد أبي القاسم المليخ إلى الملكين الكاثوليكيين، فاستؤنفت الحرب بين المسلمين والنصارى.

تهيأت غرناطة لحصار طويل، وخرج طاغية قشتالة في جيش كبير في ربيع سنة 1490 م (895 هـ)، وزحف على مرج غرناطة محطمًا ومحرقًا، وبرز المسلمون لقتاله عدة مرات، واستولوا أول الأمر على عدة حصون. وثار المسلمون الذين كانوا تحت الاحتلال النصراني في البشرات وغيرها، ودب الأمل في نفوسهم. فاستولى أبو عبد الله على أندرش ومنطقتها. ثم حرر حصن همدان وحصن شلوبانية على البحر وحاول تحرير المنكب.

فخاف طاغية قشتالة من هذه الانتصارات الإسلامية، وهيأ جيشًا ضخمًا خرج أوائل سنة 1491 م إلى حاضرة غرناطة عدته خمسون ألف مقاتل، ووصل مرج غرناطة في 12/ 6 / 896 هـ (23/ 4 / 1491 م) وعسكر على ضفاف نهر شنيل، وضرب حصارًا صارمًا حول غرناطة، وبنى مدينة لمعسكره سماها شانتافي (العقيدة المقدسة). فقاوم الغرناطيون، وخرجوا عدة مرات لمحاربة عدوهم في شجاعة وبسالة. فاشتد الجوع والبلاء على المحاصرين عندما طال الحصار دون أمل لفكه.

وعندما فشلت كل محاولات المسلمين من رد المحاصرين، أخذ اليأس يدب في نفوسهم، ووقع الاتفاق على التفاوض مع النصارى على التسليم. وكلف الوزير أبو القاسم المليخ في أواخر سنة 896 هـ (أكتوبر 1491 م) بالقيام بهذه المهمة. فاستقبله الملك فراندو في معسكره بشانتافي. فتفاوض الطرفان: أبو القاسم المليخ والوزير يوسف بن كماشة عن غرناطة، والقائد كنسالبو دي قرطبة والأمير فراندو دي الصفراء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015