الذي أقنعهم بسياسة المهادنة مع النصارى. فارتد الزغل إلى وادي آش. وهكذا انقسمت المملكة الصغيرة مرة أخرى إلى مملكتين: الزغل في وادي آش، وأبو عبد الله في غرناطة. وتحقق بذلك ما أراد طاغية قشتالة. فبدء الحرب مركزًا على أراضي الزغل، بينما ينادي أبو عبد الله بالسلام مع النصارى. ثم ارتد النصارى عليه بعد قضائهم على الزغل.

وأول مدينة من مدن السلطان الزغل التي هاجمها النصارى هي مالقة التي كانت أهم ميناء في الدولة النصرية. فقطعها أولاً النصارى عن باقي الأراضي الأندلسية باحتلالهم لوشة والحامة وبلش مالقة. ثم طوقوها. بعد احتلال رندة وذكوان واليورة.

وهكذا حاصروها برًّا وبحرًا في جمادى الثانية سنة 892 هـ (يونيه 1487 م). ودافع أهالي مالقة عن مدينتهم دفاع المستميت حتى سقطت في أواخر شعبان عام 892 هـ (غشت 1487 م). فأصدر طاغية قشتالة أمره باسترقاق جميع أهلها، ذكورًا وإناثًا، بعد أن أثخن فيهم جنوده قتلاً وسفكًا. وأرسل نخبة من بناتها هدية لبابا روما.

واستغاث الزغل بدول الإسلام جميعًا: المغرب وتونس ومصر وقسطنطينية، ولا من مغيث إلا بعض متطوعة المغاربة.

ثم تحوّل النصارى إلى احتلال أراضي الزغل الشرقية، فاستولوا في ربيع سنة 1488 م (893 هـ) على بيرة وبلشيف وأشكر. واستسلم أهل المنكب بعد حصار طويل في محرم عام 895 هـ (1489 م)، فكان ثاني أهم موانىء المسلمين وقوعًا بيد العدو بعد مالقة. ثم أحكم النصارى حصارهم على بسطة، أهم مدن الزغل الشرقية في مستهل شهر رجب سنة 894 هـ، فاستسلمت في محرم سنة 895 هـ (ديسمبر سنة 1489 م). ثم استسلمت المرية في ربيع الأول سنة 895 هـ (فبراير 1490 م).

وهكذا سيطر القشتاليون على جميع أراضي الزغل سوى وادي آش مقر ملكه.

فحاصره النصارى فيه. فلما لم ير الزغل مناصًا من الاستسلام خرج إلى معسكر فراندو يعرض عليه طاعته والانضواء تحت لوائه. فاستجاب له فراندو، فبايعه الزغل بالخضوع والطاعة هو وسائر قواده، ودخل القشتاليون مدينة وادي آش في أوائل صفر عام 895 هـ (30/ 12 / 1489 م).

وعقد الزغل معاهدة سرية مع النصارى نص فيها على طائفة من المنح والامتيازات على أن يستقر سيدًا في مدينة أندرش، وأن ينضم إليه ألف من أتباعه، وأن يُعطي راتبًا سنويًّا سخيًّا مع منحه نصف دخل ملاحات بلدة الملاحة، وأن يعان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015