إن تفكك الأسرة المالكة الكامل في غرناطة، وتشتت الطبقة المثقفة والحاكمة، وعدم ورع الجميع من التعاون مع العدو النصراني القشتالي للتغلب على خصمه المسلم، أدى كل ذلك أخيرًا إلى سقوط غرناطة بعد جهاد طويل ومتواصل دام ما يقرب من القرنين. وهذه المرة توحدت القوى النصرانية في إرادتها للقضاء على الإسلام في الأندلس بينما انعدم مغيث المسلمين من وراء البحر.
في سنة 768 هـ (1463 م) ثار أبو الحسن علي على والده الأمير سعد وخلعه ونفاه إلى المرية حيث مات من سنته، وصفا الجو لأبي الحسن بهذه الطريقة البغيضة.
ومنذ البداية، دخل أبو الحسن في حروب أهلية مع أخويه، أبو الحجاج يوسف وأبو عبد الله محمد الزغل، اللذين نازعاه الملك، كل على حدة. ولما توفي أبو الحجاج بقي أبو عبد الله الزغل المنازع الوحيد. ورغم الحروب الأهلية، قام أبو الحسن أول أمره بتحصين الحصون وتنظيم شؤون البلاد، وتولى وزارته وزير أبيه أبو القاسم بن رضوان بنيغش. وخرج الزغل إلى ملك قشتالة أنريكي الرابع يستنصره على أخيه.
والتقى به في أرشذونة سنة 874 هـ (1469 م)، فوعده بالعون والتأييد مقابل ولائه له. فرد أبو الحسن على ذلك بغزو بعض الأراضي القشتالية واسترجاع بعض المواقع المغتصبة، وفي تلك الأثناء ثارت مالقة على أبي الحسن واستدعت الزغل من قشتالة ونادت به ملكًا. وهكذا انقسمت المملكة الإسلامية الصغيرة إلى قسمين متخاصمين في الوقت الذي توحدت فيه أراغون وقشتالة (1474 م). وعندما لم يحسم السيف النزاع بين المملكتين المسلمتين تهادنتا إلى حين.
وحاول اأبو الحسن سنة 883 هـ (478 1 م) تجديد الهدنة مع فراندو وإيسابيلا ملكَا قشتالة وأراغون المتحدتين. فوافقا بشرط أن تعترف غرناطة بطاعتهما وتؤدي الجزية لهما. فلما رفض أبو الحسن الشرط، أغار القشتاليون على غرناطة واستولوا على حصن بللنقة قرب رندة. فرد أبو الحسن على هذا التعدي بالزحف على بلدة الصخرة واستردها سنة 1481 م. وهكذا اشتعلت الحرب من جديد بين قشتالة (المتحدة هذه المرة مع أراغون) وغرناطة (المجزأة هذه المرة نصفين).
ولولا سوء سيرة أبي الحسن لتابعت غرناطة مقاومتها. غير أنه كان، رغم فروسيته، أسير هواه وملذاته، مما جعل الشعب ينفر منه. وكان وزيره يجاريه في ذلك. وكانت زوجته الأولى عائشة، ابنة عمه السلطان الأيسر، ووالدة ابنيه أبي عبد الله