وانتقل إلى بلاد الشام، خاصة الساحل اللبناني ودمشق وبيت المقدس، جم غفير من الأندلسيين بعد سقوط غرناطة أيام الدولة المملوكية، وبعد طرد سنة 1609 م أيام الدولة العثمانية، كما انتقلت إليها عائلات أندلسية من المغرب والجزائر وتونس. غير أن ذكرى الأندلس لم تبق إلا في بعض هذه العائلات، منها بدمشق عائلة الألشي، نسبة إلى الش بمقاطعة لقنت، والمالقي، نسبة إلى مالقة، وبحلب عائلة بلانكو ( رضي الله عنهlanco) ومنها مفتي الجمهورية السورية السابق، وغيرها من العائلات. وتستحق العائلات الأندلسية ببلاد الشام دراسة خاصة عبر الوثائق العثمانية.
وتوجهت الهجرة الأندلسية إلى أرض الحجاز منذ القدم، إذ كان معظم المثقفين الأندلسيين يتوجهون للحج، ومنهم من يستقر للتدريس. ومنهم مفرج بن حماد المعافري (من قرطبة)، جد ابن مفرج صاحب كتاب "الاحتفال بعلم الرجال" كان من الصالحين، صحب ابن وضاح في رحلته الثانية واستقر بمكة المكرمة إلى أن توفي بها. ومنهم الفقيه الزاهد محمد بن يحيى الليثي، خرج حاجًّا ولقي سحنون ورجالاً من أصحاب الإمام مالك، فسمع منهم، وجاور بمكة إلى أن توفي بها. ومنهم الأستاذ الورع أبو القاسم ابن الإمام القاضي أبي الوليد الباجي (من باجة)، خلف والده بعد موته في حلقته، وترك تآليف منها "العقيدة في المذاهب السديدة"، توفي في جدة بعد حجة سنة 493 هـ ومنهم أبو بكر عبد الله بن طلحة اليابري (من يابرة)، ذو معرفة بالنحو والأصول والفقه وحفظ التفسير والقيام عليه، كان أحد الأئمة بجامع العديس بإشبيلية، ورحل إلى الشرق واستوطن مصر مدة، ثم رحل إلى مكة وبها توفي حوالي سنة 530 هـ. ومنهم أبو محمد طارق بن موسى بن يعيش المخزومي (من المنصف من أعمال بلنسية)، أدى الفريضة واستقر بمكة، كان شيخًا صالحًا ثقة عالي الرواية، توفي بمكة عن سن عالية سنة 549 هـ.
ومن أندلسيي القرنين السابع والثامن الذين استقروا بالحجاز الحافظ أبو المكارم جمال الدين بن مسدي (من الجزيرة الخضراء)، شيخ السنة وحامل رايتها وإمام اللغة العربية، كان خطيب الحرم الشريف بمكة، ومات مقتولاً بها سنة 663 هـ عن 65 سنة. ومنهم الفقيه الجليل أبو محمد عبد الحق بن سبعين (من مرسية)، درس العربية والأدب في الأندلس، وكتب كتبًا عدة، وانتقل إلى سبتة وانتحل التصوف وعكف عليه مدة، ثم رحل إلى المشرق وشاع صيته وكثر أشياعه واستقر بمكة وتتلمذ له أميرها، وتوفي بها سنة 669 هـ عن 55 سنة. ومنهم الكاتب أبو القاسم خلف بن عبد العزيز