ويحتاج الوجود الأندلسي المعاصر في الجزائر إلى دراسة معمقة. ونرى تأثيره في انتشار فرق الموسيقى الأندلسية في المدن ذات الهجرة التاريخية القديمة، كما أن هناك كثيرًا من العائلات التي تنتمي إلى عائلات أندلسية شهيرة، بما فيها بنو الأحمر، ملوك غرناطة. كما أن الهجرة الأندلسية إلى الجزائر تركت آثارًا واضحة في اللباس والطبخ واللهجة، خاصة في تلمسان والمدن المجاورة لها.
توجه بعض الأندلسيين إلى منطقة طرابلس الغرب، وبها اليوم بعض العائلات الأندلسية، لكن التأثير الأندلسي في المجتمع الليبي المعاصر، هو الآخر يستحق دراسة معمقة. وهاجر إلى برقة وطرابلس عدد من علماء الأندلس أيام عزة الإسلام بها، منهم أبو بكر محمد بن أحمد بن إبراهيم الصدني الإشبيلي، كان أديبًا بارعًا له نظم جيد وموشحات رائعة، رحل إلى مصر ثم أقام ببرقة وتوفي بها.
وانتقل إلى مصر جم غفير من الأندلسيين، عبر العصور، ترجم المقري في "نفح الطيب" لحوالي 37 عالمًا وفقيهًا وأديبًا من أشهرهم. منهم في القرنين الرابع والخامس الهجري، الوليد بن هشام، المعروف بأبي ركوة، الذي هاجر إلى برقة (بليبيا اليوم) فثار على الحاكم العبيدي وجمع الناس حوله، فغلبته عساكر الحاكم وأتت به إلى القاهرة حيث أعدم في 13 رجب عام 399 هـ، وقد خلَّف أبو ركوة أشعارًا كثيرة. ومنهم عبد الله بن رشيق (من قرطبة)، كان أديبًا شاعرًا عفيفًا خيِّرًا، رحل أولاً إلى القيروان ثم حج ورجع إلى القاهرة حيث توفي سنة 419 هـ. ومنهم
أبو محمد عبد العزيز بن أحمد ابن السيد ابن المغلس القيسي (من بلنسية)، كان عالمًا باللغة العربية، انتقل في البلاد ثم استوطن مصر حيث توفي سنة 427 هـ.
ومن أندلسيي القرن السادس الذين استوطنوا مصر أبو بكر محمد بن الوليد الفهري المعروف بابن أبي رندقة (من طرطوشة)، صاحب "سراج الملوك"، انتقل إلى الإسكندرية وبها توفي سنة 520 هـ. ومنهم أبو عبد الله محمد بن أحمد الأموي المعروف بالنقاش (من طليطلة)، نزل مصر وقعد للإقراء في مسجد عمرو بن العاص إلى أن توفي بها سنة 529 هـ. ومنهم أبو زهر ثابت بن الفرج الخثعمي (من بلنسية)، كان شاعرًا أديبًا، استقر بمصر وبها توفي في رجب سنة 545 هـ ومنهم أبو بكر محمد بن عبد الملك بن السراج (من شنتمرية الغرب)، كان من أئمة اللغة العربية المبرزين ومن أشهر النحويين، قدم القاهرة سنة 515 هـ وجلس لتعليم النحو في جامعها الأزهر، وبها توفي في رمضان سنة 549 هـ. ومنهم أبو العباس أحمد بن