كان مؤتمر قرطبة ناجحًا رغم هجمات صحيفة "دياريو 16" على عادتها، والمقالات السيئة التي نشرتها مجلة "كامبيو 16" تحت عنوان مرعب "الإسلام يدخلنا". ومن أهم قرارات "الجماعة" بعد المؤتمر جعل قرطبة عاصمة "للجماعة الإسلامية في الأندلس" عوضًا عن إشبيلية، رغم أن المركز الإسلامي في إشبيلية ظل أكبر مراكز "الجماعة" الإسلامية، ومن أكثرها عددًا وأنشطها.

وفي 12 - 15/ 2 / 1987 م، افتتح روجي كارودي "اللقاء العالمي الإبراهيمي" في المتحف الذي أقامه في "القلعة الحرة"، القلعة الإسلامية على ضفة الوادي الكبير بقرطبة التي قدمتها له البلدية لهذا الغرض. ولم يستدع للمؤتمر أعضاء "الجماعة" ولا حتى الذين ساهموا في المشروع بما فيهم مديره. وقررت "الجماعة" متابعة مساندة هذا المشروع الذي أسس بأموال المسلمين حتى لا يضيع نهائيًّا.

وبعد لقاء قرطبة، راجعت "الجماعة" برنامجها التعليمي. وكانت في الماضي قد حرصت حرصًا كبيرًا على تيسير التعليم الإسلامي لأفرادها بإنشاء مدارس إسلامية في كل مراكزها وتوظيف معلمين من المغرب. ولم ترض "الجماعة" على نتائج هذه التجربة، لقلة العارفين بالدعوة الإسلامية واللغة الإسبانية في آن واحد، فقررت إرسال بعثات من شبابها إلى البلاد الإسلامية لتكوين أطر تعليمية من الأندلسيين أنفسهم.

وهكذا وقع اتفاق بين "الجماعة" ورابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة لإرسال وفد من الشباب الأندلسي في شهر رمضان عام 1407 هـ (مايو عام 1987 م) إلى الديار المقدسة، وتنظيم حلقة تعليمية لهم مع إقامة شعائر العمرة وزيارة روضة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وذلك بتمويل من الرابطة وتطوع عدد من أساتذة جامعة الملك عبد العزيز بجدة. وقد خطط الدرس وترأسه كاتبه كأحد المتطوعين.

شارك في هذا الوفد خمسة من معلمي "الجماعة"، منهم عبد الرحمن حبصاوي وزوجه رشيدة كروم (وهي معلمة كذلك)، وعبد السلام أصريح، ومحمد الوزاني، وأحمد قمقوم، ومن الشباب الأندلسي أبو ياسر رينا أندرادي، وعبد العزيز غارسيا فرناندس، ومنصور بيريز كالبينتي، ويوسف الحبيب فيغراس رولدان، وعرفات باريا باريرا. وقد حصلوا في آخر الحلقة الدراسية على شهادة. وكانت الحلقة ناجحة، عاش أثرها الأندلسيون حياة إسلامية محضة في جو شهر رمضان المبارك بالديار المقدسة: الدراسة في النهار والعبادة في الليل. مما كان فيه لهم أحسن الأثر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015