"مستوى إسلامي متأخر". واتهم المطران عمدة قرطبة والمجلس البلدي بالاستهتار بمشاعر القرطبيين المسيحية.
فرد العمدة على المطران في اليوم التالي برسالة قوية قاسية نشرتها الصحف (18 و 19)، قال فيها إن الدستور الإسباني يحترم معتقدات جميع المواطنين ويضمن حرية العقيدة، وأن لا فرق بين الدين الكاثوليكي والديانات الأخرى أمام الدستور الإسباني، وقال بأنه كعمدة منتخب من واجبه تطبيق الدستور في مدينة قرطبة، وأنه سبقت لبلدية قرطبة أن ساعدت الكنيسة الكاثوليكية وأصبح من واجبها أن تساعد المسلمين. وقال العمدة للمطران إنه انقضى عهد تحكم الكنيسة في الأهالي والدولة بدون رجعة، وأن الكنيسة الكاثوليكية ليست في مستوى أخلاقي يسمح لها بانتقاد الإسلام في إسبانيا.
أما عن شعور أهل قرطبة فقال العمدة "هم قد انتخبوني عمدة ولم ينتخبك أحد من أهل قرطبة، يا السيد المطران مطرانًا عليها"، وقال العمدة إن موقفه وموقف المجلس البلدي هو العدل لمصلحة المدينة، وأنه شخصيًّا لا انحياز له لأي دين، إذ ليس نصرانيًّا ولا مسلمًا. وأنهى العمدة رسالته المفتوحة بقوله: "أنا عمدتك وأنت لست مطراني".
وقامت بعد ذلك حملة صحافية حول الموضوع بين معارض للعمدة ومساند له دامت شهورًا، وعمت جميع صحف إسبانيا. وكان لهذه الحملة، في أول الأمر، تأثير طيب على الجمعية الجديدة، إذ اشتهر وجودها، فتكاثرت أعدادها من بضعة أفراد إلى حوالي الخمسين شخصًا في بضعة شهور، وأصبحت الصحافة تتكلم عن الجالية الإسلامية في قرطبة كواقع بديهي بعد أن كانت منعدمة. وحاربت الجمعية الجديدة بدون هوادة عدة أوساط: أولاً اليمين الإسباني والكنيسة بالطبع؛ ثانيًا، وهذا مما يدعو للأسف، "الجمعية الإسلامية في إسبانيا" و"المركز الإسلامي في إسبانيا" وذلك بكتابة التقارير السلبية التي تشوه بالجمعية للبلاد العربية والمؤسسات الإسلامية؛ ثالثًا الإرساليات الدبلوماسية العربية في مجريط.
وعملت "جمعية الرجوع إلى الإسلام في إسبانيا" إلى ربط الصلة مع "جمعية قرطبة الإسلامية"، فوقعت عدة اجتماعات بين رؤساء الجمعيتين كانت تحرص فيه الجمعية الأولى ضم الثانية إليها. ولم يكن ذلك ممكنًا بسبب شكل تنظيم الجمعية الغرناطية الهرمي، بينما كانت الجمعية القرطبية مبنية على الشورى. وفي 1/ 5 / 1981 م، توصلت الجمعيتان إلى توقيع اتفاق تعاون بينهما في غرناطة هذا نصه،