وجدير بالذكر أن موقف "الجمعية الإسلامية في إسبانيا" و"المركز الإسلامي في إسبانيا"، من هذه الحركة كان سلبيًّا منذ البداية، لأنهما لم تكونا تريان بعين الرضى قيام حركة إسلامية في الأندلس خارجة عن نفوذهما. وظل موقف الجمعيتين هذا سائدًا بالنسبة لكل الحركات الإسلامية المحلية، وهو سبب النفور القائم بين المسلمين المحليين والوافدين الشرقيين في إسبانيا.
نشأت فكرة تأسيس جمعية إسلامية في قرطبة عند زيارتي لمجريط في 19 - 21/ 11 / 1973 م في إطار رحلتي لتقصي شؤون الأقليات الإسلامية في أوروبا وأمريكا، حيث اطلعت على موضوع مسجد قرطبة الجامع. ففي مارس سنة 1972 م، طلب عمدة قرطبة حينذاك، كوزمن رانية، باسم المجلس البلدي القرطبي من منظمة اليونسكو أن تعتبر مسجد قرطبة الجامع أثرًا إنسانيًّا وترجعه إلى أصله كمسجد، مما أثار نقاشًا حادًّا في الصحافة الإسبانية. ففي مقال بجريدة "الآ بي سي" بتاريخ 10/ 12/ 1972 م طلب رفائيل كاستيغون دي الرسالة، مدير المجمع الملكي الإسباني للعلوم والفنون الجميلة، إعادة المسجد إلى أصله الإسلامي بنقل الكتدرائية المقامة فيه إلى مكان مناسب وإعادة المسجد لقيمته الدولية، وقدر مصاريف هذا النقل بحوالي عشرة ملايين دولار أمريكي. فاهتم الملك فيصل، ملك المملكة العربية السعودية بالموضوع، وأرسل مع الشيخ محمد أحمد النعمان رسالة شفوية للجنرال فرانكو في شهر يوليو سنة 1973 م مبديًا استعداده لتحمل مصاريف النقل.
وكان تقديري للموضوع أن ذلك غير ممكن أصلاً بسبب ملكية المسجد للكنيسة الكاثوليكية التي لن تتخلى عنه بأي حال. لكن موقف مجلس قرطبة البلدي أثار انتباهي، وجعلني أعتقد أن أهل قرطبة يعطفون على الإسلام، وأن من بينهم من هم مسلمون سرًّا.
وصدر سنة 1979 م الدستور الإسباني الجديد محتويًا على مادة تتعلق بتنظيم الأديان، وُضعت تفاصيلها بعد ذلك. وفي 5/ 7 / 1980 م، وافق الكورتس على أول قانون لحرية الأديان، ولم يعد هناك سبب للتقية بين مسلمي الأندلس. وفي يوم الأربعاء 26 شعبان عام 1400 هـ (9/ 7 / 1980 م) زرت قرطبة واجتمعت بعدد من مسلميها، منهم الإسبان ومنهم المغاربة المقيمون، فطرحت عليهم فكرة تأسيس "جمعية قرطبة الإسلامية" حسب القوانين الإسبانية الجديدة، وساعدتهم على كتابة