العربية والكلام بها إلا من لا يعرف فضلها وبركتها". وقال في موضع آخر: "وأقول: اعلم أن أول ما تكلمت به ببلاد الأندلس كان العربية. وكانت النصارى ... تتحكم فيمن يجدون يقرأ العربية. فتعلمت القراءة الأعجمية (يعني الإسبانية) للأخذ والعطاء".
والشهاب الحجري هو من المورسكيين المعروفين الذين كتبوا باللغة العربية بعد خروجهم من الأندلس قبيل طرد سنة 1609 م. واسمه العربي أحمد بن قاسم بن أحمد الفقيه قاسم بن الشيخ الحجري، ويعرف بالشهاب الحجري وبآفوقاي، ولا يعرف اسمه المورسكي. وقد استطاع الهجرة من أحواز غرناطة سنة 1007 هـ (موافق 1598 م)، وانتقل إلى المغرب، وعمل ترجمانًا لدى السلطان زيدان السعدي ولأولاده من بعده. وكتب بعد خروجه من الأندلس كتاب "ناصر الدين على القوم الكافرين" وصف فيه أوضاع المورسكيين في أواخر القرن السادس عشر الميلادي، وترجم كتاب "العز والمنافع للمجاهدين بالمدافع" من اللغة الأعجمية، وهو كتاب في فن المدفعية. كما كتب الشهاب الحجري عدة كتب أخرى منها كتاب "رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب"، وقد ضاع كما ضاعت كتب أخرى له. وتوفي الشهاب الحجري بعد سنة 1051 هـ (1641 م).
ولم يكتب باللغة العربية من المورسكيين إلا ثلة بعد هجرتها إلى البلاد الإسلامية، منهم، عدا الشهاب الحجري، محمد بن عبد الرفيع المتوفى سنة 1052 هـ (1643 م)، صاحب كتاب "الأنوار النبوية في آباء خير البرية". ومنهم من كتبوا لإخوانهم في بلاد هجرتهم، وليس لأمتهم الأسيرة التي أصبح أكثر أفرادها، في أوائل القرن السابع عشر، يجهلون اللغة العربية بسبب الحرب المتواصلة التي شنتها الكنيسة الكاثوليكية والدولة الإسبانية عليها وعلى من يتكلم باللغة العربية.
أدى ذلك القهر إلى تحول الكتاب الأندلسيين إلى لغة التخاطب بينهم، وهي اللاتينية المحلية بلهجتها الإسلامية: القشتالية في غالب الأحيان (الإسبانية القديمة)، أو الأراغونية أو القطلانية أو البرتغالية أحيانًا أخرى، حسب مناطقهم. فولدت بذلك لغة إسلامية جديدة، كتبوها بالحرف العربي، وسموها اللغة الأعجمية. تكونت هذه اللغة في القرن الرابع عشر الميلادي بين مدجني مملكتي أراغون وقشتالة، واندثرت في القرن الثامن عشر، فكان عمرها 400 سنة تقريبًا. وجعل المورسكيون هذه اللغة وسيلة تعبيرهم ومتنفسًا لجهادهم طيلة هذه الحقبة الطويلة. فكتبوا بها شعرًا ونثرًا في