وزاد تمسك المورسكيين بالإسلام وشعائره بزيادة اضطهاد الكنيسة والدولة ومحاكم التفتيش. وحافظوا على طهارتهم وصلاتهم حتى في السجون وفي طريقهم إلى الإعدام حرقًا. وحافظوا على قدسية يوم الجمعة بارتداء أحسن الملابس والامتناع عن التجارة رغم المضايقات. وأصروا على صيام رمضان، حتى قبيل الطرد سنة 1609 م، وكانوا ينعزلون عن النصارى في ورشات العمل وفي المزارع لكي لا يفسدوا عليهم صيامهم. كما تشبث المورسكيون بالامتناع عن أكل لحم الخنزير حتى بعد الطرد وهم بفرنسا. وقد اشتكى جماعة منهم لبعض الرهبان الإسبان في فرنسا قائلين: "بأن الخنازير تمشي في الشوارع بين الأهالي، ويصعب عليهم الابتعاد عنها لكي لا تنجس ملابسهم. كما أنهم يأنفون من أكل الخبز الذي يطبخ في مطابخ الفرنسيين لأنهم يستعملون فيها شحوم الخنازير، ولذا أسسوا فرنًا خاصًّا بهم في دار أحدهم، يطبخون فيه الخبز ويقلون اللحم".

وتمادوا في الامتناع عن شرب الخمر رغم ضغوط محاكم التفتيش، حتى أنهم كانوا يزرعون العنب ويعصرونه تقية. وهكذا قبضت محاكم التفتيش بطليطلة على خوان هراندو لأنه يزرع العنب ويعصر الخمر لـ "إخفاء سوء نيته، وهو في الواقع لا يشرب خمرًا".

ولم يكن التمسك بالدين الإسلامي بالأمر الهين. فلقد كانت تحيط به مخاطر جمة مصدرها محاكم التفتيش التي وصفها أحد فقهائهم بأنها "يترأس جلساتها الشيطان بذاته، ويكون من بين مستشاريه الغش وعمى البصيرة"، أو كما قال فقيه آخر: حيث يعمل "قضاة التفتيش الكفرة بطرقهم الشيطانية، يدفعهم إبليسهم ليقيموا أنفسهم قضاة على ضمائر الخلق، ويجبرونهم بالقوة على اتباع معتقداتهم الملعونة الكافرة الضالة".

وقد عملت محاكم التفتيش منذ البداية على أخذ أموال المسلمين رشوة لتغض الطرف عن بعض ممارساتهم الإسلامية. فمنذ سنة 1571 م، أخذ المورسكيون البلنسيون يدفعون 50.000 دوقة ذهبية سنويًّا لمحاكم التفتيش من أجل ذلك. وفي سنة 1543 م، دفع المورسكيون الغرناطيون 12.000 دوقة ذهبية للمحكمة وللملك. وفي سنة 1555 م دفعوا لهما 200.000 دوقة ذهبية. ومنذ سنة 1558 م، أخذوا يدفعون 100.000 دوقة ذهبية للملك و 3.000 دوقة سنوية للمحكمة.

وفي الفترة بين سنتي 1550 م و 1580 م، حكمت محاكم التفتيش في الاثني عشر "أتودافي" المعروفة بغرناطة على 998 شخص، منهم 780 مورسكي، أي 78

طور بواسطة نورين ميديا © 2015