الشباب. كما كانوا، لمعرفتهم باللغة العربية، الصلة بين المورسكيين والأمة الإسلامية في الخارج. وكان المورسكيون يساندون فقهاءهم على العيش بالهبات، كما كان معظم الفقهاء يمتهنون حرفًا متواضعة يعيشون عليها.
وقام الفقهاء بدور هام إبان الأزمات، كطرد سنة 1609 م، في تأطير المسلمين ومواساتهم وتشجيعهم على الهجرة إلى أرض المسلمين للحفاظ على دينهم. وقد برع المورسكيون في تطبيق التقية لدرجة كبيرة. فعندما يجبر الزوجان على الزواج باللباس النصراني في الكنيسة بإشراف الرهبان، يفعلان ذلك ثم عندما يرجعان إلى بيتهما يزيلان لباسهما النصراني ويلبسان لباسًا إسلاميًّا، ويعاد الزواج بالطريقة الإسلامية بحضور الفقيه. "وعندما يعمد الأطفال (في الكنيسة) يغسلونهم سرًّا بالماء الساخن لإزالة الزيت المقدس عنهم، ثم يقومون بشعائرهم (الإسلامية) ويعطونهم اسمًا إسلاميًّا"، الخ ... هذه حياة المورسكيين الإسلامية السرية، أما مقاومتهم للضغوط التنصيرية لمحاكم التفتيش والكنيسة الكاثوليكية والدولة الإسبانية فقد كانت أساسًا عقائدية. فقام فقهاء المورسكيين بكتابة اللغة الأعجمية بالحروف العربية للبرهنة للمورسكيين والنصارى على السواء أن الإسلام هو الدين الحق وأن النصرانية دين محرف خاطىء، كما كتبوا كتبًا في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتبيين عظمته وأخلاقه الكريمة. وكان هذا المجهود الثقافي ردًّا على سيل المنشورات والكتب الكنسية التي تهاجم بين الأوساط المورسكية الإسلام ومبادئه والقرآن الكريم وشخص سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ككتاب "آنتي القرآن" لبرناردو بيريز دي شينشون الذي نشر في إشبيلية سنة 1528 م، وفي بلنسية سنة 1532 م، وكتاب "أمبروباسيو القرآن" للراهب ريكولدو دي مونتيكروسي، وغيرهما كثير. وعمل الرهبان على تعليم المسلمين الدعوات النصرانية، حتى أصبح معظم المورسكيين يحفظونها في أواخر القرن السادس عشر الميلادي، وركزوا على أطفال المسلمين وزعمائهم.
وتأثرت طبقة ضئيلة من المورسكيين بهذه الدعاية المعادية. منهم خوان أندريس الذي كتب كتابًا يتهجم فيه على الإسلام والنبي الكريم، طبع أولاً في بلنسية سنة 1515 م، ثم في إشبيلية سنة 1537 م، وفي غرناطة سنة 1560 م. وكان خوان أندريس فقيهًا لمدينة شاطبة اسمه ابن عبد الله وابن فقيهها كذلك، ارتد عن الإسلام سنة 1487 م بمحض إرادته وترهب، وكرس حياته لمحاربة الإسلام.