جماعة من وجهاء مسلمي إشبيلية، منهم هرناندو مولاي وجرومينو أنريكز دي بيدراهيتا وألونسو هرناندس حامد. تقول الرسالة إن القرار يشمل كل من لم يشارك في ثورة عام 1570 م. وربما شمل جميع الغرناطيين، مع إرجاع كل الأموال المصادرة. فطلب كتاب الرسالة أموالاً لدفع الغرامة المذكورة، وأخذوا فعلاً في جمعها. وتبعت مثال أهل طليطلة جماعات إسلامية أخرى، في قلعة النهر وبلد الوليد ووادي الحجارة وجيان وقرطبة وإشبيلية وغيرها من المدن.

ولا يعرف بالضبط هدف هذه الإشاعة، التي صدقها حتى المسؤولون الإسبان المحليون، إذ كتب قاضي طليطلة، مركز الإشاعة، إلى الملك يثنيه عن تنفيذ هذا القرار قائلاً: "سيصعب جدًّا معالجة الأضرار التي سيحدثونها (يعني الغرناطيين) في الشاطىء من جديد (يعني إذا أعيدوا إلى مملكة غرناطة). ولا يوجد شيء يتمنّاه الأتراك أكثر من نزولهم على هذا الشاطىء، لأنهم لا زالوا مسلمين اليوم كما كانوا في اليوم الأول. ويبدو أنهم يتصرفون بنصيحة الأتراك ورأيهم. وأنا أتكلم في هذا الموضوع كرجل، عمره أكثر من سبعين سنة، له خبرة طويلة، ورأى أتعابًا كثيرة في هذه المملكة"؛ واضطرت الحكومة بعد ذلك إلى تكذيب هذه الإشاعة، مستعملة الخداع مخافة انفجار جديد.

اتهم عدة زعماء مورسكيين كمصدر لهذه الإشاعة، منهم الأخوان لورنزو بريو وملشور بريو، غاسبار رايا، وكلهم من سكان طليطلة. أما الأخوان بريو فكانا يتجران في الشمع، ولهما ثروة طائلة، وأصلهما من حي البيازين بغرناطة، وكانا قد اتهما بالمساهمة في ثورة عام 1570 م وبمصادقة محمد بن أمية، زعيمها، فسجنا في أبريل سنة 1569 م، ثم نقلا إلى طليطلة في أكتوبر سنة 1572 م. فهل كان لهذه الإشاعة هدف سياسي؟ وما هو؟ المهم هو أن الإشاعة قوت العصبية الأندلسية، وأظهرت بوضوح الرباط القائم بين جميع مورسكيي إسبانيا.

ولم يكتفِ المسلمون بالإشاعات، بل حاولوا عدة مرات الثورة في مناطق مختلفة من مملكة قشتالة. وحدث أول استنفار هام في يونيو سنة 1580 م في الأندلس القديمة. ويقال إن المؤامرة ابتدأت في إشبيلية بالتخطيط في إنزال جماعة من المتطوعين المغاربة على مصب الوادي الكبير، ثم تفرعت إلى قرطبة وجيان وأستجة وغيرها من مدن الأندلس الأخرى. لكن زعماء المؤامرة اكتشفوا قبل أن يشرعوا في إنجازها، وكانوا يفكرون في حالة فشلها الالتجاء إلى الجبال أو إلى البرتغال. وكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015