الأندلسيين، ويضمن لهم حياتهم وأملاكهم، ويؤمنهم من الاعتداء عليهم، ويسمح لهم بإقامة العلاقات الاجتماعية فيما بينهم من زواج إلى آخره ... ويرسل المحاربين المستسلمين مع نسائهم وأطفالهم إلى الأماكن التي تحدد لهم على أن تخلى جبال البشرات منهم. وقبل الحبقي الشروط جميعها.

وتنفيذًا للاتفاق، تقدم الحبقي في 22/ 5 / 1570 م على رأس 300 مجاهد إلى خيمة خوان النمساوي في أندرش، وسلمه سيفه وعلم الاستسلام باسم ابن عبو. فقبله الأمير، وأرجع له سيفه، ومنحه الأمان بألا يتعدى عليه ولا يزعج ولا يلاحق ولا ينهب، وسمح للمستسلمين بالإقامة أينما أرادوا في مملكة غرناطة خارج البشرات.

ثم عاد الحبقي إلى ابن عبو ليخبره بما تم، وأرسل معه خوان النمساوي مندوبين لقبول الاستسلام من ابن عبو. فلما اطلع ابن عبو على الشروط التي وافق عليها الحبقي اتهمه بتجاوز التفويض الذي أعطاه إياه، واتهمه بالغدر والخيانة، إذ لم يحصل للأندلسيين على شيء، كإلغاء قرارات التنصير ومحو اللغة العربية. وفوق كل ذلك، وافق الحبقي على تهجير الأندلسيين من البشرات. فلم الجهاد؟ ولم التضحيات؟ وفي 25/ 5 / 1570 م عاد الحبقي إلى معسكر خوان النمساوي وأخبره بمعارضة ابن عبو للاتفاقية، ثم اقترح عليه تنفيذها دون ابن عبو، وأن يأتي به موثوقًا. فوافق خوان النمساوي، وأرسل في نفس الوقت ممثلاً عنه إلى ابن عبو يوم 28/ 5 / 1570 م يحاول إقناعه بالاستسلام، فلم يفلح. وساند المتطوعون موقف ابن عبو، فعمل الحبقي على إرجاعهم إلى بلدانهم، وأخذ يروج للاستسلام. فتوجه على رأس قوة للقبض على ابن عبو، لكن المجاهدين هزموه وقبضوا عليه وسلموه موثوقًا لابن عبو الذي اتهمه بالخيانة وأمر بإعدامه. فأعدم الحبقي وأخفى ابن عبو موته لمدة ثلاثين يومًا. وتابع ابن عبو المفاوضات مع خوان النمساوي على شروط أفضل بواسطة هرناندو برادة، وتابع في نفس الوقت جهوده في إعادة بعث الثورة، فأرسل رسله إلى المناطق المختلفة يحثون الأندلسيين على متابعة الجهاد. وقد احتفظ التاريخ برسالة جوابية مؤثرة من ابن عبو إلى برادة بتاريخ 3/ 7 / 1570 م، وهي بالدارجة الغرناطية، وهي آخر وثيقة عربية أتت من الأندلس، هذا نصها: "الحمد لله وحده قبل الكلم، أسلم مكرمو على من كرمهو سيدي وحبيب وعز من عندي دن هرنتدو، وني نعلم حرمتكم ين. أكن أنت تقول تجي عندي، تجي عند أخكم وحبيبك، وتجي مطمئن، وكل ميجكم فملي وذيمتي. وكن أنت تريد تترطل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015