الأمّه، وقد ألقت العلوم إليه أطراف الأزمّه؛ واتفقت على إطرائه الألسنة، وتشرفت بمكانه وزمانه الأمكنة والأزمنة؛ ولم يتمكن فى دهره واحد من جلاء رذائل النظم والنثر، وصقال صوارم الأدب والشعر؛ إلا بالاهتداء بنجم فضله، والاقتداح بزند عقله؛ ومن طار بقوادم الإنصاف وخوافيه، علم أن جواهر الكلام فى زماننا هذا من نثار فيه؛ وقد ساعده التوفيق والإقبال، وساعفه من الزمان الماضى والحال؛ حتى اختار لمقامه أشرف الأماكن، وجمع بجوار بيت الله الحرام بين الفضائل والمحاسن؛ وودّع أفراس الأمور الدنياويّة ورواحلها، وعاين من بحار الخيرات والبركات سواحلها؛ وقد صغر فى عيون أفاضل عهده ما رأوه ورووه، وملك فى قلوب البلغاء جميع ما رعوه ووعوه؛ وإن كان عدد أبياته التى ذكرتها قليلا، فكماله صار عليها دليلا.
وأنشدنى أفضل الدين أميرك الزبيانىّ له من قصيدة فيها:
يفوح كفوح المسك فاغم نشرها ... إذا التحبت فيها ذلاذل ريح [1]
يقول لها الطشّ السماوىّ والصبا ... مقيما على تلك الصبابة فوجى؟؟؟ [2]
مضاجع سعدان مغارس حنوة ... مناجم قيصوم منابت شيح [3]
إذا ملّح المكّاء رجع صفيره ... يجاوبه قمريّها بمليح
كأنّ بديحا والغريض تطارحا ... على وتر للموصلىّ فصيح [4]