فأقام الناصر بحلب إلى أن استهل جمادى الآخرة، وأرسل العساكر في طلبهم فلم يلحقوا منهم أحداً، فرجعوا إليه بذلك، وفي غضون ذلك صادر السلطان قضاة طرابلس وقضاة حلب لعلة قيامهم مع جكم، ورجع متوجهاً إلى القاهرة وقرر في نيابة حلب جركس المصارع وفي نيابة طرابلس سودون بقجة وفي نيابة دمشق شيخ، فلما تحقق جكم ومن معه من رحيل السلطان من حلب رجع إلى حلب، فهرب جركس المصارع منه إلى دمشق فدخلها قبل أن يخرج السلطان منها وأقام جكم ومن معه بحلب، وفي جمادى الأولى استقر صدر الدين ابن الأدمي في قضاء الحنفية بدمشق عوضاً عن ابن الكفري، وكان ابن الجواشي توجه إلى حلب يسعى في ذلك فرجع خائباً، ودخل السلطان دمشق في جمادى الآخرة ويشبك معه وهو ضعيف.
وفي نصف جمادى الآخرة أعيد شمس الدين ابن الأخنائي إلى قضاء الشام وصرف ابن حجي واستضاف الأخنائي الخطابة ومشيخة السميساطية والغزالية ونظر الحرمين إلى وظيفة القضاء، وكانت هذه الوظائف قد أفردت لشهاب الدين ابن حجي من مدة وكان تارة يستقل بها وتارة يشركه غيره فيها، فلما استضافها الأخنائي سعى فيها الباعوني فانفرد بها وكتب توقيعه بذلك.
وفي هذا العشر الأوسط رحل الناصر إلى جهة مصر فوافته الأخبار بما صنع جكم وبأن جماعة نوروز وصلوا إلى حماة وبعضهم إلى حمص، فنادى في العسكر بالرجوع إليهم