ومات في هذا الشهر من أهل الشام من لا يحصى عدده إلا الله تعالى، فمنهم من حريقاً، ومنهم عن عجز من الهرب فمات جوعاً، ومنهم من توجه هارباً فمات إعياء، ومنهن من كان ضعيفاً فاستمر إلى أن مات، وبلغ الأمر بأهل دمشق قبل رحيل العسكر عنهم ان الواحد من التمرية كان يدخل إلى البيت وفيه العدد الكثير فيصنع بهم ما أراد من نهب وقتل وإحراق وإفساد وفسق، ولا تمتد إليه يد ولا تخاطبه لسان لما غلب على القلوب من الخوف منهم، وبيع القمح بعد رحيلهم كل مد بأربعين درهماً، واخذ الناس في ضم الجراد وبيعه وصار هو غالب القوت بالبلد، وبيع الرطل منه بأربعة ونصف، وصار من بقي حفاة عراة، وأعيانهم عليهم العبي والجلود وهم يبيعون الجراد، وينادون عليه ويتتبعون ما بقي من خلق المتاع ويبيعونه ليشتروا به الجراد، واستمر الحريق في البلد لعجز من بقي عن طفيه حتى عم جميعها، ومن بعد رحيل تمرلنك عن الشام قصد ماردين فنازلها، ووصل إله في تلك الأيام العادل صاحب حصن كيفا فأكرمه وكان وصوله إلى حلب راجعاً في سابع عشر شعبان ولم يدخلها بل امر المقيمين بها من جهته بتخريبها وتحريقها ففعلوا ثم لحقوا به وحدث كثير ممن كان أسر معهم..... وسار هو قاصد البلاد الشمالية، وذكر بعض من يوثق به انه قرأ في الحائط القبلي بالجامع النوري بحماة منقوشاً على رخامة بالفارسي ما نصه: إن الله يسر لنا فتح البلاد والممالك

حتى انتهى استخلاصنا إلى بغداد فجاورنا سلطان مصر والشام فراسلناه لتتم بيننا المودة فقتلوا رسلنا وظفرت طائفة من التركمان بجماعة من أهلنا فسجنوهم فتوجهنا لاستخلاص متغلبينا من أيدي مخالفينا، واتفق في ذلك نزولنا بحماة في العشرين من شهر ربيع الآخر، وكان لما وصل إلى حمص لم يتعرض لها إكراماً لخالد بن الوليد، ولما تكامل الجند بمصر قام بأمرهم يلبغا السالمي فصار يكسوا العرايا منهم ويحما إليهم الأموال والأمتعة والسلاح وقام في تحصيل الأموال لتجهيز العساكر إلى الشام لدفع تمرلنك بزعمه عن دمشق، فبسط يده في أخذ أموال الناس بغير رضاهم، فمن حضر قاسمه ماله قسمة صحيحة، ومن غاب أخذ نصف ما يجده له ويترك النصف وعم ذلك حتى في اموال الأيتام والأوقاف وفرض على البيوت كل بيت كراء شهر، وعلى كل فدان حبوب عشرة دراهم، وعلى كل فدان قلقاس أو قصب مائة درهم، وعلى البساتين كل فدان، مائة درهم، وفرض على الإقطاع عن عبرة كل ألف دينار ثمن فرس خمسمائة درهم. انتهى استخلاصنا إلى بغداد فجاورنا سلطان مصر والشام فراسلناه لتتم بيننا المودة فقتلوا رسلنا وظفرت طائفة من التركمان بجماعة من أهلنا فسجنوهم فتوجهنا لاستخلاص متغلبينا من أيدي مخالفينا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015