وممن هرب إلى الديار المصرية قاضي طرابلس الشافعي مسعود ونفقيب الأشراف بدر الدين ابن جمال الدين البلدي وأخبرا أن يونس الرماح نائب طرابلس أراد إحراق البلد فاشتريت منه بثلاثمائة وخمسين ألف درهم حبيت ممن بقي بها من أهلها وكان أسم نائب النائب المقتول قجقار، والسبب في قتله وصول مركب من جهة مصر وفيها أميران أحدهما قرر نائباً والآخر حاجباً فدخلوا في الليل إلى المينا وظنوا أنهم فرنج فخرج أهل البلد مستعدين للقتال فوجدوهم مسلمين فانحلت عزائمهم، ولما علم قجقار أنهم مخالفون لما هو عليه قاتلهم فقتل منهم جماعة، ثم ثار العوام فنهبوا بيت نائب الغيبة فهرب إلى جهة حمص وكسر العوام أبواب القلعة وغلب الذين جاءوا من مصر وولوا وعزلوا وأخذوا ثقل الأمراء الغائبين، فلما بلغ النائب أرسل ناساً في الصلح فتهيأوا لقتالهم، ثم قدم نائب الغيبة قجقار ومعه صرق وجماعة فدام القتال أياماً إلى أن جاء النائب، ولما هرب القاضي الشافعي استقر في القضاء صلاح الدين ابن العفيف وكان يلبس بالجندية ثم باشر في الديوانية وافتقر جداً فتوجه إلى قاضي طرابلس يستمنحه، فولي مكانه وقبض نائب الشام على بتخاص قبل توجهه إلى حلب، فلما رجع أطلقه بعد شهر.
وفي سادس ربيع الأول ظهر الاختلاف بين الأمراء الخاصكية والأمراء الظاهرية القدم، وذلك أن أيتمش الأتابك كان معه أكابر الأمراء وعندهم التثبت في الأمور وترك العجلة وكراهة الظلم وغير ذلك وكان الأمراء الجدد بخلاف ذلك فلم يتوافقوا، ودبت