من مودع مصر إلى مودع القاهرة فكتب لهم بالنقل على الوجه الشرعي فقبضوه وصرّره وطالبوا القاصد فمطلهم وخرج منطاش والعسكر وذاك متجوه عليهم بتمنتمر إلى أن انفصل ابن الميلق ولما استقر عماد الدين الكركي أوفوا من المبلغ عشرة آلاف، فلما أن ولى المنادي ذكروا له ذلك فأمر أمين الحكم بمصر وهو شهاب الدين البيدقي أن يرفع الأمر إلى السلطان فقدم قصة قرئت فأمر بإحضار ابن الميلق فحضر فأوقفه ثم عقد له مجلس وهو واقف فألزموه بغرامتها فخرج فباع من وظائفه وأملاكه واقترض إلى أن وفاها " وعند الله تجتمع الخصوم " انتهى ما نقلته، وبلغني أنه في أول حضوره المجلس على تلك الصورة أنه خرّ مغشياً عليه فما أفاق حتى رشوا عليه الماء، ومع ذلك لم يرحمه أحد ممن حضر ولم ينصفه أحد من هذه المظلمة ولعل ذلك يكون كفارة له وتوجع لابن الميلق بسبب ذلك جماعة كانوا يكرهون المناوي لبأو كان فيه فبسطوا ألسنتهم فيه وذموه بكل وجه فلم ينزعج لهم وصار ينتقم منهم واحداً بعد واحد ولله الأمر.
وفي ذي الحجة شكا بعض التجار لنائب الكرك نوف القشتمري أن جماعة من العشير أخذوا لهم مالاً من الغنم وغيرها فركب وتحدث معهم وسألهم أن يعيدوا ما أخذوا فأخذوا البعض فطلب البقية فذكروا أنهم لم يأخذوا إلا ذلك، فجمع مشايخهم ليحلفهم فاجتمعوا فقبض عليهم فغضب الباقون فوقعوا فيه فقتلوه وكان في ناس قلائل.