قرأت بخط المحدث برهان الدين: بحلب اجتمعت به فوجدته عالماً كثير الاستحضار في فنون منها التفسير والفقه والأصول يحفظ متوناً كثيرة جداً وألفاظ التفسير كما هي ويجود غرائب من المتون وزيادات غريبة يعزوها ويعرف أسماء الرجال وطبقاتهم ويتكلم في الصحيح والضعيف ولم يكن عنده مكر ولا غش مع الدين والخير وملازمة السنة.

وقرأت في تاريخ ابن حجي: ورد إلى دمشق بعد الأربعين فنزل القبيبات وقرأ وأخذ عن خطيب جامع جراح شرف الدين قاسم وعن البهاء الإخميمي واشتغل بعلم الحديث وبعمل المواعيد النافعة للعامة والخاصة حتى إن كثيراً من العوام انتفعوا به وصارت لديهم فضيلة مما استفادوا منه، وكان مع ذلك يتصدى للإفتاء والإفادة ودرس بالمسرورية والناصرية، ولما ولي القاضي برهان الدين بن جماعة وقع بينهما بسبب الناصرية ووكل به لاستعادة المعلوم مدة، فذهب إلى مصر فردوه من الطريق وسجن بالقلعة ثم اصطلح مع ابن جماعة وعوضه الأتابكية ثم لما ولي ولده القضاء أعطاه الخطابة والناصرية والأتابكية ودار الحديث الأشرفية، فلما عادت دولة الظاهر أخذ وسجن بالقلعة وكان التاج السبكي هو الذي أدخله بين الفقهاء فلما امتحن تاج الدين كان هو أشد من قام عليه، وكان مشهوراً بقوة الحافظة ودوام المحفوظ، قل أن ينسى شيئاً حفظه، وكان كثير الإنكار على أرباب التهم، شجاعاً مقداماً كثير المساعدة لطلبة العلم لا يحابي ولا يداهن، واقتنى من الكتب النفيسة شيئاً كثيراً وكان لا يمل من الاشتغال، مات في ثالث عشر ذي الحجة مسجوناً بقلعة دمشق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015