وأما منطاش وأصحابه فلججوا في اتباع المنهزمين إلى أن ظفروا بمن ظفروا به منهم وفاتهم من فاتهم واستمر كمشبغا وكان فيمن انهزم ومعه جمع كثير إلى أن وصل إلى حلب فبادر وملك القلعة ولما رجع العسكر المصري إلى معسكرهم وجدوا برقوق قد احتوى عليه فتناوشوا القتال أيضاً فعمد برقوق فأقام جاليش منطاش وجمع الذين احتوى عليهم تحته فصار كل من يأتي من العسكر يظن أن منطاش هناك تحت العصائب فأما أن يوافق فيسلم وأما أن يخالف فيقتل، فلما وصل منطاش ورأى صورة الحال ناوشهم القتال نهاره أجمع، فلما دخل الليل أقبل أكثر من معه إلى الظاهر فرجع منطاش إلى جهة دمشق وأقام الظاهر بشقحب أياماً فعدمت الأقوات حتى بيعت البقسماطة بخمسة دراهم ورخصت الأمتعة من كثرة ما نهب حتى بيع الفرس بعشرين درهماً، فلما رأى الظاهر ذلك رحل إلى جهة مصر بعد أن خلع المنصور نفسه من السلطنة باختياره، وأشهد عليه الخليفة والقضاة وأكثر من حضر من الأمراء وبايعوا الجميع برقوق وأقر لقبه الظاهر على ما كان عليه، وتردد في التوجه إلى دمشق ومحاصرة منطاش بها أو الرجوع إلى مصر، ثم اتفق رأيه ومن معه على التوجه إلى مصر، فاستناب في صفد فخر الدين إياس، وفي الكرك قديداً، وفي غزة آقبغا الصغير، وكان منصور الحاجب بها قد قبض على نائبها حسين بن باكيش، وجهزه إلى الظاهر فعذبه قبل أن يتوجه، ثم وصل إلى غزة في أواخر المحرم راجعاً، وأرسل في مستهل صفر إلى نائب قطية أن يحفظ الطرقات، وكان اسمه علاء الدين بن البشلاقي، فامتثل الأمر وأرسل من الفور إلى القاهرة قاصداً بكتاب يخبر فيه بما اتفق للظاهر من النصر، فصادف وصول قاصده نصرة مماليك الظاهر المسجونين على أصحاب منطاش