وفيها جردت العساكر إلى الشام بسبب التركمان ومقدم العساكر يونس دوادار برقوق، فكسروا التركمان على مرعش، وقتل منهم خلق كثير، وذلك من ابتداء جمادى الأولى إلى شعبان بعد أن فر خليل بن دلغادر وأخوته وهم كانوا السبب في هذه الحركة لأنهم كانوا جمعوا جموعاً كثيرة فوصلوا إلى العمق وإلى تيزين وخاف أهل حلب منهم، وكاتب اينال اليوسفي، فجردت العساكر من دمشق ومن جميع المماليك، ومشوا على التركمان من حلب إلى عينتاب، ثم إلى مرعش، ثم إلى أبلستين، ثم إلى ملطية، والتركمان تفر منهم وتتحصن بالجبال المنيعة إلى أن وصل هزمهم إلى أطراف بلاد الروم، ولما بلغ العسكر في نهب ما قدروا عليه وانتهوا إلى ملطية كاتبوا بذلك فأذن لهم في الرجوع.
وفيها كانت حلب الوقعة بين العسكر الحلبي والتركمان فانكسر العسكر، ثم وقع بهم نائب حلب اشقتمر وانتصف منهم، ثم لما توجه يونس الدوادار إلى الشام بسلطنة الصالح أمر العسكر الشامي بالتوجه إلى غزو التركمان، فجمعوا العربان والجند وتوجهوا إلى جهة حلب فخرجوا في ربيع الآخر، فلما كان في ثامن جمادى الأولى وهم بمرعش هبط جماعة من التركمان عليهم من مكان عال فوقع بينهم وبين شرف الدين الهدباني ومن معه من الأكراد وعرب بني كلاب مقتلة فانكسر التركمان وجرح الهدباني وأسر، ثم أفلت. ثم وقعت الوقعة الكبرى في حادي عشرة فاستظهر الترك وانكسر التركمان وانهزموا أقبح هزيمة بعد أن قاسى العسكر شدة في سلوك المضايق والأوعار وشدة البرد، وأما كبير التركمان سولى بن دلغادر فنجا وقطع الفرات إلى خرت برت، وانتهبت العسكر من التركمان شيئاً كثيراً، وأرسل خليل بن دلغادر ومن معه يطلبون الأمان.
وفيها فتحت مدينة دوركي واستقر في إمرتها إبراهيم بن محمد بن شهري.