الدرب حتى مله أهله ونقلوه إلى المرستان، وقل ما دخل المرستان ذو ذرب إلا ويخرج ميتاً، فقدرت حياة هذا وعاد إلى منزله، فعاش بعدها أكثر من عشرين سنة، وتنوعت عليه في آخر عمره الأمراض حتى ثقل سمعه جداً وأقعد، ولسانه لا يفتر عن التلاوة إلى أن مات فجأة في العشر الاخير من رمضان وقد أكمل ستاً وثمانين سنة.
محمد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد الونائي ثم القرافي القاضي شمس الدين، كان أبوه شاهداً فشغله بالعلم، وأخذ عن الشيخ شمس الدين البرماوي وظيفته، واشتهر بالفضيلة، ثم تزوج إلى الشيخ نور الدين التلواني، وصحب جماعة من الاعيان، ونزل في بعض المدارس طالباً ثم تدريساً، ثم فوض له شهاب الدين ابن المحمرة تدريس الشيخونية لما انتقل إلى تدريس الصلاحية ببيت المقدس، فمات ابن المحمرة فاستقل بها، ثم ولي قضاء دمشق مرتين، ثم رجع فسعى في تدريس الصلاحية بجوار الشافعي فتركتها له اختياراً فباشرها سنة ونيفاً، ثم ضعف فامتد ضعفه نحو الشهرين إلى أن مات في يوم الثلاثاء سابع عشر صفر، ومولده في شعبان - سنة 788.
ثم انتقل إلى القاهرة وطلب الحكم وحفظ التنبيه وعدة مختصرات، وأقبل على الاشتغال ولازم علماء عصره من سنة سبع إلى أن برع في الفقه والعربية، وتكسب بالشهادة، وولي مشيخة السكرية بالقرافة، وكان معدوداً من أئمة العلماء الذين جمعوا المعقول والمنقول -.
محمد بن عبد الرحمن بن علي التفهني الحنفي القاضي شمس الدين ابن - قاضي القضاة زين الدين، مات في الثامن من شهر رمضان وكان مولده قبل القرن، واشتغل كثيراً ومهر، وكان صحيح الذهن، حسن المحفوظ، كثير الأدب والتواضع، عارفاً بأمور دنياه، مالكاً لزمام أمره،