وأخرج فتاوى جماعة من الشافعية بذلك، فتوقفت عن مراده لما تأملت في آخر حكم الونائي بعد اعتبار ما يجب اعتباره شرعاً فقلت: لو جاء فقال: فسر عندي بقادح وقد دخل في هذا الكلام كان مقبولاً منه، فاستشاط الوكيل وتوسلت موكلته إلى جمع كثير من الأكابر، فأبلغوا السلطان أن هذا الكلام تعصب للونائي، فصرح بعزل الاثنين، فلما بلغ كاتبه ذلك أقام بمنزله لا يجتمع بأحد، فلما كان ضحى يوم الخميس حضر إليه الحمصي رسولاً من السلطان على لسان الشيخ شمس الدين الرومي أحد جلساء السلطان فأمره بالاجتماع بالسلطان، فاجتمع به - فقص عليه القصة مفصلة، فعذره واعتذر إليه وقرره في الوظيفة، وكان قد صمم على عدم القبول من أول يوم، فاجتمع به القاضي الماضي المالكي وبلغه عن الجماعة ما يقتضي التخويف والتهديد إذا استمر على الإعراض بما يخشى منه على المال والد والعرض، فقبل على ذلك - والله المستعان؛ ثم ألحوا عليه في التشريك بين المرأتين في النظر، فتأمل - فوجد حكم الونائي منذ سنين وجاز أن يصير السفيه فيها رشيداً، فالتمس منهم بينة تشهد باستواء المرأتين في صفة الرشد الآن ليقع التشريك بينهما مع بقاء حجة الغائبة، فاقيمت عند بعض النواب، وقضى بذلك في ثاني ذي الحجة منها - والله المستعان.
وفي الثامن والعشرين من ذي القعدة قدم القاضي بهاء الدين ابن حجي من الشام، وهرع الناس للسلام عليه، ثم استقر في نظر الجيش صبيحة ذلك اليوم وهو يوم الاثنين تاسع عشري شهر ذي الحجة، وظهر بعد ذلك انه كان آخر يوم من الشهر، لأنه اشتهر أن جمع من الناس رأوا هلال ذي القعدة ليلة الأحد.
واستهل ذو الحجة يوم الثلاثاء بالرؤية.
ففي الحادي عشر منه لبس السلطان البياض.
وفي الخامس عشر منه وصل علي بن حسن بن عجلان أمير مكة من الطور وكان السلطان أرسل بالقبض عليه، فقبض في ذي القعدة وجهز في البحر إلى الطور