فلما مرض مرض موته أسند النظر لولده، فنازعه الآن أخوه أحمد وادعى أن أباه شرط النظر لأولاده بعده، فأحضر كتاب الوقف فوجد فيه أنه شرط النظر لنفسه ومن بعده لولديه محمد وعبد الرحمن ومن بعدهما لأولادهما وأولاد أولادهما إلى آخره وجعل لنفسه أن يوصي بذلك لمن شاء بعد موته، فأثبت عبد الرحمن فصلاً في هامش كتاب الوقف يتضمن - انه اسند إليه النظر وفيه ملحق بين السطرين وجعل له أن يسند لمن شاء، وأوصل الفصل بالقاضي بدر الدين العيني ضمن كتاب الوقف، فأشهد عليه أنه ثبت عنده مضمون كتاب الوقف ومضمون ما بهامشه من الفصول وحكم بصحة الوقف هذا الذي تضمنه تسجيله، فروجع في ذلك، فذكر أنه لم يحكم إلا بصحة الوقف خاصة دون ما تضمنه فصل الإسناد، وقع البحث في أن الإسناد يساوي الوصية أو يزيد عليها، ثم ذكر شهود الفصل أنهم لم يتحملوا الشهادة بالملحق ولا أدوها عند الحاكم، ووافقهم الحاكم على ذلك مع قوله إن حكمه لم يلاق الفصل المذكور أصلاً، وكانت الدعوى عند كاتبه فاتجه له أن الإسناد المذكور من الواقف لعبد الرحمن، وإن قلنا بصحته بناء على أن المراد به الوصية إليه على وفق ما جعله لنفسه لكن قوله إنه جعل لعبد الرحمن أن، يسند لم يدخل في الجعل المذكور، وعلى تقدير دخوله فلم يتصل بحاكم ولا حكم به.

فلما اتصل به ذلك قامت عنده البينة العادلة بأن الواقف المذكور وقف مكانه المذكور مدرسة وعين لها مدرساً سماه، وأن ولده هو الذي خالف شرطه وأبدل المدرس بالخطبة، فسئل الحكم بما ثبت عنده من ذلك فحكم بتبطيل الخطبة من المكان المذكور وتقرير المدرس على وفق شرط الواقف، وأكد ذلك أن الحاكم الذي اتصل به الوقف وحكم به ذكر أن حكمه بصحة إقامة الخطبة بناه على أن الواقف هو الذي شرط ذلك، فلما وضح له أنه شرط غير ذلك لم يتناوله الحكم وصرح برجوعه منه، فأزيل المنبر وبطلب الخطبة يوم الجمعة عاشره، فلما كان في الرابع والعشرين من صفر أعيدت الخطبة بعد أن عقد مجلس قبل ذلك بيوم، وأظهروا حكماً سابقاً حكم به العينين بإقامة الخطبة بها، فادعوا أنه سابق على حكم الشافعي بالإبطال وأن الحكم السابق يرفع الخلاف، فنازعهم الشافعي في ذلك، فأمر السلطان ابتداء بإقامة الخطبة، فأرسل الشافعي إلى الخزانة التي وضع فيها المنبر لما أزيل، ففك ختمه عنها فأعادوا المنبر وصلوا بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015