وفي آخر الشهر سابع عشر منه تجهز شاذ بك راس نوبة بمال وفرس وسرج ذهب وكنبوش مزركش إلى سليمان بن دلغادر وابنه ناصر الدين ليسلما - جانبك الصوفي، فجاء الخبر بعد قليل - بأنهما أخذا المال وأطلقا جانبك، قدم شاذ بك في حادي عشر رجب بذلك، فشق على السلطان وكاتب أهل البلاد بالشام ونادى في العسكر بالتجهيز للسفر، وكاتب ملك الروم أن يتأهب للترافق معه على قتال شاه رخ، ثم جهز السلطان جماعة من الأمراء وهم الأمير الأتابك جقمق الذي ولي السلطنة بعده والد يدار أركماس الحاجب الكبير ويشبك ونائب القلعة تنبك وتغري بردى البكلمشي المعروف بالمؤذي - وقرا قجا الحسني - الذي صار أمير آخور وتاني بك نائب القلعة وتغري برمش الذي صار دويدار كبيراً، وخجا سودون وألف فارس من مماليكه وألف فارس من جند الحلقة، وأنفق فيهم سبعة عشر ألف دينار، وتوجهوا إلى حلب فالتقوا بأميرها تري برمش وساروا جميعاً، وقبض على مملوك لابن دلغادر توجه من جهتهم ليكشف حال أهل حلب فدلهم على جانبك الصوفي أنه مقيم بالأبلستين، فتوجهوا ففر منهم جانبك، وهجموا البلد فاحتملوا - ونهبوا ما فيها وعادوا إلى حلب، وتخلف عنهم خجا سودون بعينتاب، فاجتمع جاني بك ومن معه على أن يكبسوه فلاقاهم فوقعت بينهم محاربة شديدة انجات عن أخذ قرمش الأعور وجماعة معه، وفر جانبك وسجن قرمش ومن أسر معه بقلعة حلب، ثم جهزت رأس قرمش بعد قتله إلى القاهرة.
وفي رابع عشري رمضان قدم اسلماس بن كبك التركماني إلى القاهرة مراغماً لجانبك الصوفي، فأكرمه السلطان وخلع عليه وجهزه إلى بلاده، وقرر شاذ بك في نيابة الرها عوضاً عن أينال الاجرود وأمر بإحضار أينال.
وفي هذه السنة أكثر السلطان من النزول إلى الصيد، ونزل غير مرة إلى الضواحي، ومنها إلى جامع عمرو فصلى ركعتين، وإلى خليج الزعفران مرة وغير ذلك.
وفي ثالث عشري ربيع الآخر رسم بعقد مجلس بالقضاة ليتشاوروا في جمع المال لقتال اللنك، ثم أعفوا من ذلك وأشار السلطان بأن من ينسب إلى الغنى يجهز ما يقدر عليه من المقاتلة، وقرر على القاضي الشافعي خمسة عشر وعلى الحنفي عشرة ونحو ذلك.