آقبغا الجمالي الذي كان عمل الأستادرية الكبرى غير مرة، وفي الآخر ولاه السلطان كشف البحيرة فتوجه إلى هناك فأغار على بعض العرب، فتجمعوا عليه وذهب دمه هدراً، وكان أهوج مقداماً غشوماً، وهو من مماليك كمشبغا الجمالي، وخرج الوزير الأستادار عبد الكريم ابن كاتب المناخات بعسكر فجمع العرب وأمنهم وأحضرهم إلى السلطان في 21 ربيع الآخر.
أبو بكر بن علي بن حجة، الحموي الحنفي، الشيخ الأديب الفاضل، شاعر الشام، تقي الدين الأزراري، كان في ابتداء أمره يعقد الأزرار، وكان يخضب بالحمرة، ثم تعانى النظم فتولع أولاً بالأزجال والمواليا ومهر في ذلك وفاق أهل عصره، ثم نظم القصائد ومدح أعيان أهل بلده، ودخل الشام فمدح برهان الدين ابن جماعة قبل التسعين بقصيدة كافية أعجبته، فطاف بها على نبهاء عصره فقرظوها له، ودخل بسبب ذلك إلى القاهرة فدل على القاضي فخر الدين بن مكانس ومدحه وطارح ولده وكتب له على القصيدة، ومن نظمه:
سرنا وليل شعره ينسدل ... وقد غدا بنومنا مسفرا
فقال صبح ثغره مبتسما ... عند الصباح يحمد القوم السرى
ومنه:
في سويدا مقلة الحب نادى جفنه ... وهو يقنص للأسود صيدا
لا تقولوا ما في السويداء رجال ... فأنا اليوم من رجال السويدا
واجتمعت به إذ ذاك، ثم عاد مرة أخرى فتأكدت الصحبة، ولما رجع في الأول صادف الحريق الكائن بدمشق لما كان الظاهر يحاصر دمشق بعد أن خرج من الكرك وكان أمراً مهولاً، فعمل فيه رسالة وكاتب بها ابن مكانس وهي طويلة، وأقام بحماة يمدح أمراءها وقضاتها، وله قصيدة في علاء الدين ابن أبي البقاء قاضي دمشق، ومدح أمين الدين الحمصي كاتب السر حينئذ وغيره ودخل القاهرة، ثم نوه به القاضي ناصر الدين البارزي في الدولة المؤيدية فعظم أمره وشاع ذكره، وكان نظم قصيدة بديعية على طريقة شيخه المعز الموصلي وشرحها في ثلاث مجلدات، وجمع مجاميع أخرى مخترعة وله في المؤيد غرر القصائد وقرر في ديوان الإنشاء منشئ الديوان، وعمل في طول