فدخلا عينتاب قبل العيد بثلاثة ايام ثم صلينا العيد، وتوجهت إلى جهة حلب، وتخلف العيني ببلده أياماً ثم وصل إلى حلب في حادي عشر شوال، وفي الثامن والعشرين من شوال كسفت الشمس بعد العصر واستمرت إلى وقت الغروب فانجلت بعد أن صليت بالجماعة بالجامع الكبير صلاة الكسوف على الصورة المشروعة في السنة النبيوية فما سلمت إلا وقد انجلت، وغربت الشمس فصلينا المغرب بالجامع وانصرفنا بغير خطبة، وكنت بعد السلام من الصلاة أرسلت بعض الشهود ليصعد المنارة ليشاهد الشمس هل تم انجلاءها! فصعد وعاد بأنها انجلت انجلاء تاماً، وذكر أنه صادف في طلوعه رجلاً يفجر بشاب في سلم المنارة، وتعجبت من جرأته في مثل تلك الحالة؛ أما العسكر فاستمر السلطان حتى وصل الرها فعبروها فوجدها خالية، واستمر إلى آمد فنازلها أول يوم وقتل من الفريقين جماعة وتبين أن بها ولد قرايلك وجماعة من العسكر وهي في غاية الحصانة، فلم يقدر عليها فنصب عليها منجنيقاً أقام في عمله مدة، وتبين أن قرا يلك مقيم بجبل بالقرب من آمد، فتوجه إليه بعض العسكر وأوقع به ساقة العسكر فانهزم مكبدة، ثم عطف عليهم

لما عرف بعدهم من الجريدة فأوقع بهم فانهزموا وراموا من أمير الجريدة أن يتبعه فخشوا من كيده فتركوه، وبلغ السلطان ذلك فغضب منه، ويقال إن نائب الشام كان غضب من تقدم اينال الجكمي عليه فقصر في طلب قرا يلك مع قدرته عليه لشهامته وفروسيته، وكل شيء له أجل محدود لا يتعداه، وصاروا في شدة في زمن حصار آمد من كثرة الحر والذباب ووخم الأرض من الجيف المقتولة، وعزت الأقوات فوضعوا أيديهم في الزروع التي في ضواحي البلد فأفسدوها، ونقلوا ما بها من الشؤن فتوسعوا به، واتخذوا أرحية ليطحن لهم غلمانهم فيقتاتوا بذلك، ودام الأمر خمسة وثلاثين يوماً إلى أن ملوا ولم يظفروا بشيء فتراسلوا في الصلح، فاستقر الأمر على أن يخطب للسلطان ببلاده، وأن لا يتعرض لأحد من جهة السلطان ولا من معاملات بلاده، ولا يمكن أحداً من جهته يقطع طريق التجار ولا القوافل وأن يسلم أكثرها فأجاب إلى ذلك وانتظم الأمر، وتوجه القاضي شرف الدين سبط ابن العجمي كبير موقعي الدست لتحليفه فحلفه ورجع، وتوجه السلطان بالعساكر إلى الرها فدخلها في تاسع عشر ذي القعدة، وقرر بها نائباً اينال الأجرود الذي كان نائباً بغزة، وجعل عنده مائتي مملوك ليحفظها، وأعطاه تقدمة قانباي البهلوان بحلب، وأعطى قانباي تقدمة تغرى بردى المحمودي بدمشق وقدم إلى حلب، فتلقيناه بالباب وبزاعة في اليوم الأحد رابع عشري ذي القعدة، ودخل حلب في ليلة الاثنين بغير موكب، وأقام بالمخيم أيضاً، واستهل به شهر ذي الحجة، ثم خرج منها يوم السبت السابع منه، فدخل دمشق يوم الخميس التاسع عشر منه ونزل بقلعتها، ونزل الجند ينهبون الناس وحصل الضرر بهم ولكن لم يفحش، ثم رحل منها يوم السبت الثاني والعشرين منه، وفي مستهل ذي الحجة أرسل قرقماس بن نعير ولده إلى السلطان بهدية سنية، ومن جملتها فرس كان اشتراه بألف دينار، ورد على السلطان فرساً سرقه منه تركمانيان فظفر به معهما فجهزهما مع الفرس، فأعجب السلطان ذلك وخلع على ولده وأمر بشنق التركمانيين؛ وذكر الشيخ شهاب الدين أبو بكر بن محمد بن شادي الحصني أين يعقوب بن قرايلك أمير خرت برت على معتقد النسيمي المقتول بحلب، وأنه يرى تحريم معاملة خادم الحرمين وأرسل ينكر على أبيه، وكذا أنكر عليه أخوه علي بك أمير كماخي، وأن قرا يلك راسل اينال الأجرود يتهدده، فأراد قتل رسوله ثم شفع فيه وضربه ورده رداً عنيفاً؛ فبلغ ذلك قرا يلك فندب عسكره إلى القتال فامتنعوا، وأنه بلغه أن السلطان أراد العود إلى آمد فأمر بإحراق جميع المراعي التي حولها وكان قرايلك خرج من آمد إلى أرمس وترك بآمد ولده، فلما زحف العسكر على آمد قتل مراد بك بن قرا يلك بسهم، ونزل محمود بن قرا يلك في عسكر على جبل مشرف على العسكر فصار يتحدى من خرج، فندب السلطان سرية فأحضروا عشرين رجلاً منهم فوسطوا تجاه القلعة. لما عرف بعدهم من الجريدة فأوقع بهم فانهزموا وراموا من أمير الجريدة أن يتبعه فخشوا من كيده فتركوه، وبلغ السلطان ذلك فغضب منه، ويقال إن نائب الشام كان غضب من تقدم اينال الجكمي عليه فقصر في طلب قرا يلك مع قدرته عليه لشهامته وفروسيته، وكل شيء له أجل محدود لا يتعداه، وصاروا في شدة في زمن حصار آمد من كثرة الحر والذباب ووخم الأرض من الجيف المقتولة، وعزت الأقوات فوضعوا أيديهم في الزروع التي في ضواحي البلد فأفسدوها، ونقلوا ما بها من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015