رعاف كثير حتى أفرط فانقطع بسببه، ولازمه الاطباء وأكثروا له من الحقن والأدوية إلى أن استفرغوا قوته كلها مع ما يخرج من أنفه من الدم، ثم تنوعت به الأمراض من القولنج وغيره إلى أن مات في ليلة الأحد اثنتين وعشرين جمادى الآخرة عن نحو الخمسين، واشيع بأنه سم وكان هو يلوح بذلك، ولم يغب ذهنه في طول مرضه، وحرص مراراً على أن يوصي ببر أو صدقة أو خلاص ذمة فلم يقدر له ذلك ومات باحماله لم يحط عنه منها شيء إلا أن كان اغتيل فإن في ذلك كفارة كبيرة، وكثر الثناء السيء عليه بعد موته بسوء معاملته وطمعه - والله يسمح له! فلقد كان يقوم في الحق أحياناً، وله بر وصلة وصدقة لبعض الناس ومحبة في الصالحين ومروءة وعصبية لاصحابه - رحمه الله تعالى! واستقر بعده في كتابة السر ولده جلال الدين.. محمد ولقب بلقب أبيه بدر الدين ولم يستمر ذلك، وخلع على شرف الدين سبط ابن العجمي بنيابة كتابة السر، وتلقى الامور عن جلال الدين لصغر سنه، ويقال إنه أخذ لأجل ذلك من مال أبيه مائة ألف دينار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015