إلى مكة من جهة مصر كما هي الآن منقطعة غالباً عن العراق، فالإدارى لعلها لا بأس بها لهذا المعنى وما يترتب عليها من المفاسد يمكن إزالته بأن يبطل الأمر بزينة الحوانيت، فإنها السبب في جلوس الناس فيها، وكثرة ما يوقد فيها من الشموع والقناديل، ويجتمع فيها من أهل الفساد، فإذا ترك هذا وأمر السلطان من تعاطي إدارة المحمل من غير تقدم إعلام الناس بذلك حصل الجمع بين المصلحتين، وانفصل المجلس على ذلك؛ ووقع في هذا المجلس ذكر ابن العربي الصوفي، فبالغ الشيخ علاء الدين في ذمه وتكفيره وتكفيرمن يقول بمقالته، فانتصر له المالكي وقال: إنما ينكر الناس عليه ظاهر الألفاظ التي يقولها، وإلا فليس في كلامه ما ينكر إذا حمل لفظه على مراده بضرب من التأويل، فانتشر الكلام بين الحاضرين في ذلك، وكنت مائلاً في ذلك مع الشيخ علاء الدين، وأن من أظهر لنا كلاماً يقتضي الكفر لا نقره عليه، وكان من جملة كلام الشيخ علاء الدين الانكار على من يعتقد لوحدة المطلقة وكان من جملة كلام المالكي أنتم ما تعرفون الوحدة المطلقة، فاستشاط البخاري غضباً وأقسم بالله أن السلطان إن لم يعزل المالكي من القضاء ليخرجن من مصر! والتمس من كاتب السر أن يسأل السلطان في إزالة أشياءمن المظالم الشنيعة، ومن جملتها أن المسلم يؤخذ منه المكس أكثر ممكا يؤخذ من النصراني إذا أحضرا بضاعة واحدة، بحيث صار كثير من المسلمين يجعل بضاعته باسم النصراني ويتقلد له المانه، وأكد عليه في قصة المالكي، فأعاد كاتب السر على السلطان جميع ما اتفق، فأمر السلطان بإحضار القضاة عنده، فحضروا فسئلوا عن مجلس علاء الدين، فقصه كاتب السر بحضرتهم، ودار بين السافعي والمالكي في ذلك بعض كلام، فتبرأ المالكي من مقالة ابن العربي وكفر من يعتقدها، فصوب الشافعي قوله، وسأل السلطان ماذا يجب على المالكي، وهل تكفير