لهدمت الكنيسة كلها ونهب ما فيها، وكان ذلك وقت العصر فقلت لهم: لا بدمن كشف كنيسة النصارى حتى ينظر ما أحدثوا أيضاً وبهدم الجميع، فأعجبهم ذلك وافترقنا على العود في أول النهار، ثم استوفى الشافعي والحنبلي الشروط في المسألة وحكما بهدم ما أحدث وإبطال حكم البرلسي، وكان البرلسي قبل ذلك خشي القالة فأشهد على نفسه بأنه رجع الحكم المذكور، ثم توجه لكاتب السر فأعلمه بذلك واتصل ذلك بالسلطان، وكنت عند الافتراق أمرت الوالي أن يزيل ما أحدثوه من الأبنية الجديدة كلها بالليل، ففعل ذلك وانحسمت المادة بعون الله تعالى.
وفي ربيع الأول غلا السعر بسبب هبوب الريح المريسية، فمنعت المراكب من الوصول من الوجه البحري بالغلال، وعز وجود الخبز بالأسواق أياماً، ثم فرج الله وانحل السعر في جمادى الأولى، ورخص القمح وغيره.
زفي شهر ربيع الآخر شدد السلطان في أمر الخمر وأمر بإراقة ما يوجد منها في مظانها في جميع البلاد، وكذلك الحشيش أمر بإحراق ما يوجد منها، فأهريق من الخمر وأحرق من الحشيش ما لا يحصى كثرة، وأكثر ذلك كان بدمياط وكان في القاهرة وغيرها من الأعمال على ذلك ضمان وعليه إقطاعات لأناس، فبطل ذلك ولله الحمد، ثم أعيد قليلاً قليلاً بدسائس أهل الظلم والمكر حتى عاد كما كان بعد مدة قريبة.
وفيها أبطلت المعاملة بالبنادقة وضربت اشرفية، وحصل بذلك لخيار المسلمين سرور كثير، وفيه حضر من أكابر أهل دمياط جماعة وشكوا من ابن الملاح الكاتب النصراني الملكي وأنه يتجاهر باللواط، ويستخدم من يكون جميل الصورة من أبناء البلد، ويبالغ في إظهار الفاحشة، حتى أنه ربما قام بحضرة الناس فخلا به الشاب منهم بحيث لا يواريه إلا جدار المخدع أو شبهه ثم يخرجان معاً على الهيئة الدالة على المراد، وكثر ذلك منه، وأنف جماعة من الناس ومنعوا أولادهم من الخدمة عنده، وهو يفسدهم بكثرة العطية ومعاقرة الخمر والغناء، مع ما هو فيه من الجاه العريض حتى كان والي البلد يقف في خدمته، ومهما قاله لا يرد