وكان السبب في تغير نائب الشام عليه أنه كان بدمشق خمارات عليها ضمان للنائب فركب القاضي وأمر بإغلاقها. فشق ذلك على النائب وأحضر الضامن وخلع عليه ونادى له بالاستمرار، فنفر الناس من ذلك واجتمع عند بيت القاضي من لا يحصى كثرة، فركب القاضي والناس معه فكسروا أواني الخمر وأراقوها، فغضب النائب من ذلك ورفع إلى السلطان أن القاضي يقيم من يشهد بأن فلاناً الذي مات عن غير وارث له وارث فيثبت ذلك ويتسلم المال، وأنه حصل عنده من هذه الجهة أموال كثيرة ممن ليس له وارث إلا بيت المال، فتغيظ السلطان من ذلك، فلما وصل الأمر بالكشف عليه بالغ النائب في نكايته ومكن عدوه منه، وأقدم أبو شامة فسجل على نفسه أنه ثبت عنده أن في جهة القاضي نجم الدين ابن حجي لبيت المال عشرين ألف دينار، وحكم بذلك، ووصل حكمه بالقاضي الحنفي فنفذه، وطولع السلطان بذلك فكتب باستخلاص ذلك من ابن حجي، فقدر الله تعالى في غضون ذلك موت النائب وانفرج الهم عن القاضي، وكتب توقيعه من القاهرة باستمراره وغرم في ذلك مالاً كثيراً.

وفي هذه السنة ابتدئ بعمارى المدرسة الأشرفية بالحريرين بجوار الوارقين، وأخذت الدور التي هناك وغالبها أوقاف، فتحيل في إبطالها بوجوه من الحيل، وتولى القيام في تعميرها ناظر الجيش عبد الباسط، وفيه رفع إلى الدوادار الكبير سودون من عبد الرحمن أن القاضي جمال الدين الطنبذي المعروف بابن عرب حكم محاكمة غير مرضية، فأمر القاضي الشافعي بأن يعزله، واقام في بيته بعد أن أهين بحضرة الدوادار، وعزل القاضي عقب ذلك من النواب اثني عشر نفساً، ثم لم يفد ذلك حتى أمر أن لا يزيد على عشرة نواب فعزل الجميع، وانتقى عشرى أكثرهم أقاربه واصهاره، فكثر كلام المنفصلين فيه، واتفق أن القاضي المالكي كانت عنده محاكمة فأرسل الدوادار طلبها وطلب نقيبه الجلال القزويني فامتنع، فأغلظ الدوادار القول، فعزل القاضي نفسه، ثم أعيد بشرط أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015