فقال له: قلد الشافعي في هذه المسألة فاتفق حضور ابن العجمي في صبيحة ذلك اليوم فدارت المسألة بين الفقهاء الذين يحضرون عند السلطان، فبالغ ابن العجمي في الرد على من أفتى بذلك، فقيل له: قد أفتى به ابن عباس من الصحابة، فقال: أنا ما أقلد ابن عباس وإنما أقلد أبا حنيفة! هذا الذي اضبطه من لفظه فادعى عليه بعد ذلك بتاليب كاتب السر عند القاضي الحنفي ابن الديري انه قال ومن هو ابن عباس بالنسبة الى ابي حنيفة. فطلبه ابن الديري بالرسل حتى أحضروه مهاناً ووكل به بالصالحية.

وفي تاسع عشره طلب ابن الديري ابن العجمي فعزره من غير إقامة بينة عليه بشيء مما ادعى عليه به، ثم أفرج عنه فجمع نفسه عن الكلام في الحسبة، فبلغ ذلك السلطان فأنكر ذلك واستدعاه وخلع عليه وأقره على الحسبة، ففرح الناس بذلك فرحاً عظيماً، وكانوا اتهموا القبط في الممالأة عليه وظنوا أن ابن البارزي قبطياً، وليس كذلك وإنما هو أعان على نفسه حتى اسخط الرؤساء عليه.

وفي جمادى الآخرة تحول السلطان من القلعة في محفة إلى بيت ابن البارزي المطل على النيل وكانا البارزي قد استأجر بيت ناصر الدين بن سلام وأضاف عدة بيوت مجاورة له وأتقن بنيانها ووضعها وضعاً غريباً على قاعدة عمائر بلدة حماة، فأعجب السلطان ذلك إعجاباً شديداً واختار الإقامة به حتى يبل من مرضه، فأقام بها من نصف جمادى الآخرة إلى نصف رجب واستدعى الحراقة الذهبية، فكان يركب من بيت ابن البارزي إلى القصر الذي بأنبابة ثم منه إلى بيت ابن البارزي وتارة ينام في الحراقة الليل كله وتارة يتوجه إلى الآثار فيها ويرجع إلى رابع عشر رجب، فتحول إلى بيت الخروبي بالجيزة وكان قد أحضر الحراريق المزينة التي جرت العادة بتزيينها في ليالي وفاء النيل فاستصحبها صحبته مقلعة إلى الخروبية، واجتمع الناس للفرجة في شاطئ النيل من بولاق إلى مصر، فمرت في تلك الليالي للناس من النزه والبسط ما لا مزيد عليه مع الإعراض عن المنكرات لإعراض السلطان عنها، وكان قد تاب من مدة وأعرض عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015