فأسر إليه كلاماً ثم التفت إلى رفقته من القضاة فقال لهم: إن السلطان عزله وأمره بلزوم بيته، ففعل ذلك واستمر المنصب شاغراً إلى أن وصل الخطيب برهان الدين بن جماعة في خامس جمادى الآخرة وكان برهان الدين حين عزل أبو البقاء بدمشق زائراً لأهله من ربيع الأول ورجع بعد خمسين يوماً بعد أن فوض له النائب نظر القدس والخليل فخالفه البريدي في الطريق فأمره النائب بلحاقه إلى القدس فلحقه فخطب في السادس عشر من جمادى الآخرة خطبة بليغة تعرض فيها لتوديعهم فأبكاهم وتوجه على البريد، فلما اجتمع بالسلطان عرض عليه المنصب فاشترط شروطاً كثيرة فالتزم له السلطان بها ولبس الخلعة وركب مع الحجاب والقضاة على العادة ومشى معه الجاي اليوسفي والامير الكبير إلى باب القلعة وركب في حشمة عظيمة وأبهة زائدة، فراح الناس إلى تهنئته حتى القاضي المعزول فرحا منه به لعلمه برياسته، وحسن سياسته. وقرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري وأجازنيه: كان منكلي بغا نائب السلطنة يعظم القاضي بهاء الدين السبكي. ولما عزل كان في الصيد، فلما بلغه لم يسهل به، فلما عاد من الصيد اجتمع به بهاء الدين فأشار إليه أن يستقر قاضي الشام فامتنع فغضب منه، وكان منكلي بغا يبغض المعزى لما يعتمده من تناول الرشوة فكان يحب عزله، فلما لم يوافقه بهاء الدين غضب منه فعزله من تدريس الفقه بالمنصورية وعزل ابنه بدر الدين من تدريس الحديث بالقبة وكان استقر فيه بعد موفق الدين وقرر في الفقه شمس الدين