وفي رمضان حضر السلطان مجلس سماع الحديث بالقلعة وفيه القضاة ومشايخ العلم، فسألهم عن الحكم في شخص يزعم أنه يصعد إلى السماء ويشاهد الله تعالى ويتكلم معه، فاستعظموا ذلك، فأمر بإحضاره فأحضر وأنا يومئذ معهم، فرأيت رجلاً ربعة عبل البدن أبيض مشربا بحمرة كبير الوجه كثير الشعر منتفشه، فسأله السلطان عما أخبر به، فأعاد نحو ذلك وزاد بأنه كان في اليقظة وأن الذي رآه على هيئة السلطان في الجلوس وأن رؤيته له تتكرر كثيراً، فاستفسره عن أمور تتعلق بالأحكام الشرعية من الصلاة وغيرها، فأظهر له أنه جاهل بأمور الديانة، ثم سئل عنه فقيل أنه يسكن خارج باب القرافة في تربة خراب وإن لبعض الناس فيه اعتقاد كدأبهم على أمثاله، فاستفتى السلطان العلماء، فاتفق رأيهم على أنه إن كان عاقلاً يستتاب فإن تاب وإلا قتل، فاستتيب فأمتنع، فعلق المالكي الحكم بقتله على شهادة شاهدين يشهدان أن عقله حاضر، فشهد جماعة من أهل الطب أنه مختل العقل مبرسم، فأمر السلطان به أن يقيد في المارستان، فأستمر فيه بقية حياة السلطان، ثم أمر بعد موت السلطان بإطلاقه.

وفي شوال كانت الفتن بين أهل البحيرة فقتل موسى بن رحاب وحلاف بن عتيق وحسين بن شرف وغيرهم من شيوخهم، وتوجه الأستادار لمحاربتهم ففتك فيهم، وقدم في ذي القعدة ومعه من الغنم والبقر شيء كثير ووصل في طلبهم إلى العقبة الصغرى، ثم توجه منها إلى جهة برقة فسار أياماً ثم رجع.

وفيه قدم ركب التكرور في طلب الحج ومعه شيء كثير من الرقيق والتبر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015