جمادى الآخرة ابتدئ بحفر الأساس وشرع في العمل وقرر الأمير ططر شادا على العمارة وبهاء الدين ابن البرجي الذي كان محتسباً مرة في النظر على العمارة المذكورة وكان صديق ططر فسعى له في ذلك فاستمر.

وفي أواخر ربيع الأول قدم على المؤيد شمس الدين شمس بن عطاء الله الرازي المعروف بالهروي وكان من أعوان تمر لنك، فأرسله إلى جهاته فخانه فتهدده، ففر منه إلى بلاد الروم فالتمس من ابن قرمان أن يجمع بينه وبين عالم بلادهم شمس الدين الغناري، فامتنع ابن قرمان من ذلك، وقال: هذا رجل منسوب على العلم والغناري عالمنا فلا يسهل بنا أن يغلب عالمنا ولا أن ينكسر خاطر هذا الغريب، فأكرمه بأنواع من الكرامات غير ذلك فصرفه عن بلاده، فدخل الشام وحج ثم رجع إلى القدس فانتزع الصلاحية بعناية نوروز من القمني واستمر بها مدرسا ثم سعى عليه القمني في دولة المستعين فعزل واستقر القمني ولم ينفذ ذلك لغلبة نوروز على البلاد الشامية. فلما توجه المؤيد إلى قتال نوروز لقيه الهروي فقرره في الصلاحية، ولما رجع إلى القاهرة لقيه أيضاً فاستأذنه أن يحضر إلى القاهرة فأذن له فحضر، فخرج إلى لقائه جماعة، وتعصب له كثير من مشايخ العجم، وشاع عنه أنه يحفظ أثني عشرة ألف حديث، وانه يحفظ صحيح مسلم بأسانيده، ويحفظ متون البخاري، فاستعظم الناس ذلك ودار القمني على الأمراء يلتمس أن يسألوا المؤيد أن يحضر الهروي ويعقد له مجلسا بالعلماء ليظهر له أنه مزجي البضاعة في العلم، فلم يزل يسعى في ذلك إلى أن أجاب السلطان، وكان الهروي قد اجتمع به وأحضره المولد الخاص، وأرسل إلى القاضيين البلقيني وابن مغلي، فتكلموا بحضرته ولم يمعنوا في ذلك وكان من جملة ما سأل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015