وكان ممن قام مع جكم لما تسلطن فنقم عليه الناصر ذلك وقبض عليه، ثم هرب ثم رضي عليه وولاه قضاء حلب في سنة تسع وثمانمائة، ثم امتحن في سنة ثلاث عشرة وأحضر إلى القاهرة، ثم رضي عنه الناصر وولاه تدريس الجمالية بعد موت مدرسها محمود بن الشيخ زاده، ثم ولاه قضاء الحنفية بالقاهرة وهو بدمشق في الحصار، فلما زالت دولة الناصر أعيد ابن العديم لقضاء الديار المصرية واستقر ابن الشحنة في قضاء حلب وأعطى تداريس بدمشق وتوجه صحبة النائب، فمات يوم الجمعة في ثاني عشر ربيع الآخر، وكان نزل عن وظائفه بالقاهرة لصدر الدين ابن الأدمي، وأنزل صدر الدين له عن وظائفه بدمشق، وكان كثير الدعوى والاستحضار عالي الهمة، وعمل تاريخاً لطيفا فيه أوهام عديدة، وله نظم فائق وخط رائق، عاش خمسا وستين سنة، ومن نظمه:
ساقي المدام دع المدام فكل ما ... في الناس من وصف المدامة فيكا
فعل المدام ولونها ومذاقها ... في مقلتيك ووجنتيك وفيكا
وله:
أسير بالجرعا أسيرا ومن ... همي لا أعرف كيف الطريق
في منحنى الأضلع وادي الغضا ... وفوق سفح الخد وادي العقيق
وقرأت في ذيل تاريخ حلب للقاضي علاؤ الدين: أنه باشر قضاء دمشق مرة في أيام كان شيخ نائبها