قبل الوقعة إلى دمشق وينادي بأن الناصر قد أبطل المكوس وأزال المظالم، ويطلب منهم الدعاء، فتعصب له عوام الشام، فلما كان في الثامن عشر من المحرم نزل الأمراء قبة يلبغا، فندب الناصر لهم عسكراً فخرج م سودون الجلب وسودون المحمدي فهزموهم ثم ارتحلوا فنزلوا غربي البلدة ووقفوا من جهة القلعة فتراموا بالنشاب، ثم نزل نوروز بدار الطعم وشيخ بدار غرس الدين الأستادار وضم معه الخليفة وكاتب السر والقضاة ونزل بكتمر جلق وقرقماش، فمنعوا الميرة عن الناصر وقطعوا نهري دمشق، فتعطلت الحمامات وغلقت الأسواق وعظم الأمر واشتد القتال وكثرت الجراحات.
وفي ثالث عشري المحرم لحق بالأمير شيخ ناصر الدين ابن العديم قاضي الحنفية وشهاب الدين الباعوني وشهاب الدين الحسباني وكانوا بالصالحية. وناصر الدين البارزي وصدر الدين الأدمي وكانا من أخصاء شيخ فأنس بهما وعرفاه بأحوال البلد مفصلة، وبسط ناصر الدين ابن العديم لسانه في الناصر فبلغ ذلك الناصر، فقرر ابن الشحنة في قضاء الحنفية بالقاهرة عوضا عنه ويقال، إن ناصر الدين المذكور كان ممن شهد الوقعة باللجون وأحيط به مع الخليفة والمباشرين.
وفي الرابع والعشرين من المحرم وسط بلاط أشق شاد الشربخاناة وبلاط أمير علم وكان كل منهما يذبح المماليك الظاهرية بين يدي الناصر بالقاهرة.
وفي يوم السبت خامس عشري المحرم أشهر غلبة الخليفة بخلع الناصر من الملك لما ثبت عليه من الكفريات الانحلال والزندقة وحكم ناصر الدين ابن العديم بسفك دمه.
واستقر في السلطنة الخليفة المستعين بالله أبو الفضل العباس بن المتوكل العباسي، ولم يغير لقبه، وبايعه الأمراء ومن حضره، وكان رأي الأمراء قد اجتمع على ذلك، فلم يوافقهم الخليفة إلا بعد شدة وتوثق منهم بالإيمان فاشتد امتناعه وصمم فبادر كاتب السر