وفي شهر رمضان نادى المماليك بالأمان وأنهم عتقاء رمضان، فظهر منهم جماعة تزيد على الثلاثين فحضروا الخدمة فوعدهم بالخير، ووعدهم يوماً أن يخرج لهم خيولهم أو بدلها من الإصطبل، فلما اجتمعوا أمسكهم أجمع، وجلس يوماً آخر لتفرقة القرفلات فأمسك منهم جماعة، ثم ذبحوا في شوال.
وفي هذه السنة غلا الزيت الحار إلى بلغ الرطل تسعة.
وفي شوال توجه الناصر إلى الإسكندرية وشن الغارات على الجهات البحرية لنهب الأغنام والخيل والجمال حيث وجدت ودخل الناصر الإسكندرية في ثامن عشر شوال، فقدم عليه مشايخ تروجة بتقاديمهم فخلع عليهم، ثم أمسكهم وساقهم في الحديد واحتاط على أموالهم، فهرب باقيهم إلى برقة ورجع إلى القاهرة، وفي حال إقامته بالإسكندرية شكى المغاربة أنه يؤخذ منهم ثلث أموالهم في المكس ويؤخذ من الفريخ العشر، فغضب من ذلك وأمر أن لا يؤخذ من المغاربة إلا العشر، فشكر المسلمون له ذلك فكانت من حسناته النادرة وكانت حركته إلى الإسكندرية آخر سعده، فلما قدم وصل كتاب نوروز يعتذر عما بلغه عنه وقرينه فحضر آخر فيه شهادة أربعين رجلاً أنه مقيم على الطاعة، فلم يلتفت الناصر لذلك.
وفي نصف ذي القعدة أمر الناصر أن يكون الفلوس كل رطل باثني عشر درهماً، فغلقت الحوانيت فغضب السلطان وأمر مماليكه الجلبان بوضع السيف في العامة فشفع فيهم الأمراء فقبض على جماعة وضربوا بالمقارع وقتل رجلاً وشنقه بسبب الفلوس، ثم أنحل أمر الفلوس بعد النفقة