لا تعجبي صغيرتي لـ (إبراهيم عزت)
هي دمعتي
لغتي التي تجتاح عجزي
يا طفلتي إني بشر
أبكي
كما حين تضيع لعبتك الصغيرة
أو حين تحتاجين صدراً دافئاً
وحليب أمك
قد ضاع بين يدي عمر من تمني
والكوكب الدري آل إلى انطفاء
وهنُ وهمٌ لا يداريه التجلد
والنفس حين تتوه في دنيا الخواء
ليست تلوذ سوى بأنات البكاء
أنا يا صغيرةٌ
مثلما الأشجار تسعى للضياء
لكنه ليل كما الطوفان هاج
فأغرق الدنيا وأغرق مهجتي لولا قليلٌ من رجاء
لا تعجبي صغيرتي إذا رأيتي دمعتي
فلست فارساً تعود الخطر
ولست مالكاً ذراع ماردٍ تفتت الحجر
ولست عالماً بالغيب كي أدافع الشرور بالحذر
أنا يا صغيرتي بشر .. أنا يا صغيرتي بشر
أنا يا صغيرتي بشر
ودمعتي قريبة من الأسى
يذيبني الألم
يصيبني الجنون حيث يُصنع العدم
تشل نظرتي إذا رمتها نظرة الخداع بالنِقم
يصيُبُني الضنا والعجز والسأم
لا تغضبي صغيرتي
فالنظرة التي رأيتها مضيئة تصافح الحياة
واللفظة التي سمعتها رنانةَ الصدى تحرك الصدور والشفاه
والبسمة التي أهديتُها إليكِ كي تصافحي ملامح الإنسان حيث كان
كل الذي رأيتِه ما كنت فيه كاذباً صغيرتي ولم أكن
لكنما رأيته هو الشذى يفوح من حديقة الزهور في مواسم الربيع
هو الحياة في ظلال راية بيضاء
نسيجها الضياء
وطائر الأمان حولها يرتل الغناء
وخضرة الزيتون شارة على الصدور
تزرع الطريق بالنماء
كي تفهمي صغيرتي .. هل تذكري
حديقة التمساح والأسد
تلك التي بها ركبت ذلك الجمل
يمضي بنشوتك الحبيبة ناعماً
وهو السعيد بما حمل
هل تذكرين صاحب العرين
ذاك الذي تزيد عنده الخطى
ذاك الذي لتجزر الوحوش ان تنال ساحته
قد نلتهِ صغيرتي
فقذفتي من يديك ما أصابَ هامته
العيب يا صغيرتي في قسوة الأغلال
لا عيب في الرجال
العيب في من يعشق انحناءة الرجال
لا تحزني صغيرتي إذا رأيتي دمعتي
فتلك قطرة من الندى
تجف في الصباح إن بدا
ستملأ العيون فرحة مزغردة
تقول للأسى ونحن نقطع الطريق للعلا
سننتصر
على الشفاه ذكرها
يزف بسمة القدر
الكف لم تزل بخيرها قوية .. غنية
وقيدها سينكسر
وفي العيون نبضها يضج .. ينصهر
غدٌ لنا
ونحن في مواقع الخلود ننتظر
فلتحكمو السفن .. لأن بحرنا عميق
واستكثروا من زادنا الأصيل لم تزل
بعيدةً نهاية الطريق
لكن نبعنا الرطيب مغدق
ولم يزل يبلل الظما
ويطفئ الحريق
ولم تزل عيوننا نفاذة البريق
تضيء للجموع كي تسير
من بعد أن تعلمت من ليلها الكدير