ولما جاء خبر قتل علي إلى معاوية جعل يبكي، فقالت له امرأته: أتبكيه وقد قاتلته؟ فقال: ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم (?)، وكان معاوية يكتب فيما ينزل به يسأل له علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن ذلك، فلما بلغه قتله قال: ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب، فقال له أخوه عتبة: لا يسمع هذا منك أهل الشام، فقال له: دعني عنك (?)، ولنتعرف على شخصية علي عندما طلب معاوية رضي الله عنه في خلافته من ضرار الصُّدائي أن يصف له علياً، فقال أعفني يا أمير المؤمنين قال: لتصفنَّه، قال: أما إذ لا بد من وصفه فكان والله بعيد المدى، شديد القُوى، يقول فُصلاً (?) ويحكم عدلاً يتفجّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه ويستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته وكان غزير العبرة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما قُصر ومن الطعام ما خشن، وكان فينا كأحَدِنا، يجيبنا إذا سألناه وينبئنا إذا استنبأناه ونحن والله ـ مع تقريبه إيانا وقربه منا ـ لا نكاد نكلمه هيبة له، يعظِّم أهل الدين ويُقرِّب المساكين، ولا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف في عدله، وأشهد أنه قد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سُدُولَه (?) وغارت نجومه، قابضاً على لحيته، يتململ تململ السليم (?)، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا غُرِّي غيري، إليّ تعرّضت أم إلى تشوَّفتِ: هيهات هيهات، قد باينتك ثلاثاً لا رجع فيها فعمرك قصير، وخطرك قليل، آه من قلة الزاد وبُعد السفر، ووحشة الطريق، فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن، كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال حزن من ذبح ولدها وهو في حجرها (?)،
وعن عمر بن عبد العزيز قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم