والصحيح من الروايات والذي يليق بالحسن والحسين وأبناء أهل البيت أنهم التزموا بوصية أمير المؤمنين علي في معاملة عبد الرحمن بن مُلْجم وفيها يظهر خلق الإسلام العظيم في النهي في المثلة والالتزام بالقصاص الشرعي. ولا تثبت الرواية التي تقول: فلما دفن اضروا ابن ملجم، فاجتمع الناس، وجاءوا بالنفط والبواري، فقال محمد بن الحنفية، والحسين، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب، دعُونا نشتفّ منه، فقطع عبد الله يديه ورجليه، فلم يجزع ولم يتكلّم، فكحَلَ عينيه، فلم يجزع، وجعل يقول إنك لتكحُل عيني عمّك وجعل يقرأ ((إقرأ بسم ربك الذي خلق)) (العلق، آية: 1) حتى ختمها، وإن عينيه لتسيلان ثم أمر به فعولج عن لسانه ليُقْطع فجزع، فقيل له في ذلك. فقال: ما ذاك بجزع ولكنّي أكره أن أبقى في الدنيا فُواقاً لا أذكر الله فقطعوا لسانه، ثمّ أحرقوه، وكان أسمر، حسن الوجه، أفلج، شعره من شحمة أذنيه، وفي جبهته أثر السجود (?).
وابن ملجم عند الروافض أشقى الخلق في الآخرة، وهو عندنا أهل السنة ممن نرجو له النّار، ونجوِّز أن الله يتجاوز عنه، لا كما يقول الخوارج والروافض فيه، وحكمه حكم قاتل عثمان وقاتل الزبير، وقاتل طلحة، وقاتل سعيد بن جبير، وقاتل عمّار وقاتل خارجة، وقاتل الحسين، فكل هؤلاء نبرأ منهم ونبغضهم في الله، ونكل أمورهم إلى الله عز وجل (?).
عن عمر بن حُبشي قال: خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي رضي الله عنه، فقال: لقد فارقكم رجل أمس ما سبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون، إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبعثه ويعطيه الراية فلا ينصرف (?)، حتى يُفتح له ما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم أهله (?).