ذلك مِمَّا هو مِثله لاَ يَذكُرونه ولاَ يَعتبرون بِهِ لأنه يُخَالِفُ الْهَوى!.
وَحتَّى هذا الذي يَحتجون به على عدم التغليظِ على العُصَاة وعدم الْهَجْر لاَ يدل على مُرادهم، فالأعرابي الذي بال في المسجد ولم يُغلِّظ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لاَ يَعرف المسجد ولاَ الصَّلاة حتى يُنتهَر ويُغلَّظ عليه، كذلك قد يتضرر بانتهارِه وَيُلَوِّث مساحةً أكبر من المسجد، فَحَسُنَ هنا الرفقُ به، ولتأليفه على الإسلام - أيضاً - لأنَّ الإسلام في أوله، فهو لا يعرف للمسجد حُرْمَة ولاَ فَرْقَ عنده بينه وبين معاطن الإبل!، لكن لو فعل هذا الفعل أحد اليوم هل يُعَامَل بِمِثْل هذا الذي عامله به النبي - صلى الله عليه وسلم -؟!؛ هذا قياس فاسِد لأنه لا يَخفى على أحدٍ ما للمسجد من الْحُرْمَة والتطهير والتنْزِيه عمَّا هو دون ذلك وأنَّ مِثل هذا الفعل عظيم بخلاف حال ذلك الأعرابي للأسباب التي ذَكَرْنا، ومَن يفعل كفِعلَتِهِ فإنه يُتْرك حتى يَفْرغ لئلا يُلَوِّث مكاناً أكبر من المسجد، ثُمَّ يُردَع وَيُغلَّظ عليه وَيُعَزَّر، وهل يفعل هذا اليوم إلاَّ مُجْرم أو مجنون!؛ وهل ذلك إلاَّ تسهيلاً لانتهاك محارم الله وفتح أبواب الاستهانة بها بحجة أنَّ أعرابياً بال في مسجد رسول الله ولَمْ يُغَلَّظ عليه، وهل الاحتجاج بذلك إلاَّ تَمييعاً للدين وتهويناً لشأنه!.