فانظُرْ كيف يَحتج؟!، فقد أتى بكلام حق، لكن مُرَاده باطل، فهو رأى حالِقَ لِحْيَته ومُعْفِيها فأخذ طريقاً متوسِّطاً بينهما - أيْ مُتَوسِّطاً بين توفير شَعْر اللحية كله وبين إزالته كله - وقال له شيطانه: " هذا خير الأمور، وهو الوسَط "!، فَصَار فِعْلُ المأمور وهو إعفاء اللِّحْية ليس هو الوَسَط!.
فهذا وَزَنَ أمورَ الشَّرع بِعَقله القاصر وفهمه الخاسر!، ولو أقرَّ بمعصيته ولَم يستدل بهذا الكلام لكان خيراً له، لأنَّ معناه أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ومَن أطاعه فِي توفير لِحْيَتِه ليسُوا على خير الأمور الذي هو أوساطها، ولو كان ميزان الشَّرع هكذا بعقول الناس لضاع الدِّين!.
وَيُقَال لِهَذا الأحْمَقِ: إنَّ إنساناً رأى مَن لا يَصُوم " رَمَضانَ " كُلَّه، ورأى مَن يصومَه كلَّه، فصَام هو نِصْفه فقط وقال: " خير الأمور أوساطها " فماذا تقول؟!؛ سيقول: " هذا لاَ يَجُوز " فيقال له: ولِمَ؟!؛ فسيقول: " لِأنَّ الرسولَ أمرَ بِصِيَام شهرِ رمضانَ كلِّه "؛ فيقال له: وكذلك اللحية أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإعفائِهَا كُلِّها، وليس خير الأمور وأوساطها ما تَخَيَّلته، بل خير الأمور وأوساطها هو إعفاؤك لِحْيَتَك كُلَّها كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل وبه يأمر، كذلك الشأن في صيام رمضان فخير الأمور أوساطها بصيامهِ كلِّه.