أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (?)، فمَن تَرَك هذه الرحمة النافعة لِرَأفَةٍ يجدها للمريض فهو الذي أعانً على عذابه وهلاكه وإنْ كان لا يريد إلاَّ الخير إذْ هو في ذلك جاهل أحمق، كما يفعله بعض النساء والرجال الجهَّال بِمَرْضَاهم وَبِمَن يُربُّونَه من أولادهم وغِلْمَانهم وغيرهم في تَرْكِ تأديبهم وعقوبتهم على ما يأتونه من الشَّرِّ ويتركونه من الخير رأفة بهم، فيكون ذلك سبب فسادهم وعدوانهم وهلاكهم) إلى آخره (?).
فهذا يُبيِّن أنَّ مَن أبطل حدودَ الله والبغضَ والْهَجْر فيه - عز وجل - بِدَعْوَى الرحمةِ أنه تاركٌ للرَّحمة الحقيقيَّة مُتَسَبِّبٌ للعُصَاة بفسادهم وعُدْوانهم وهلاكهم.
وزماننا هذا مليء بالعجائب والغرائب حتى أنه من الحرص الشديد على تغيير النَّهْج السَّلَفي لِمُخَالفته للمفتونين يرى بعضهم ما سَمَّاه (تجديدَ الخطابِ الدِّيِنِي) ويستدل بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا) (?)، ومعنى هذا الحديث صَحيحٌ، ولكنَّ ليسَ الدِّينَ - كمَا يَزعُم الْمُتَّبِع لِهَواه -