محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنَّ شيخَ الإسلام - رحمه الله - بعد ما ذكر حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: (مَا ضَرَبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً قَطُّ بِيَدِهِ ولاَ امْرَأة ولا خادِماً إلاَّ أنْ يُجَاهد في سبيل الله، ومَا نِيلَ منه شيءٌ قَطُّ فَينْتَقِمُ من صَاحبِهِ إلاَّ أنْ يُنتَهَك شَيءٌ مِن مَحَارِمِ اللهِ فينتقم لِلَّهِ - عز وجل -) (?)؛ قال شيخ الإسلام بعد أنْ ذَكَرَ هذا الحديث: (فقد تَضَمَّنَ خُلُقُه العظيم أنه لا ينتقم لنفْسِهِ إذا نِيل منه، وإذا انتُهِكَت مَحَارِمُ الله لَم يَقُمْ لغضبه شيء حتى ينتقِمْ لله) انتهى (?).

وانظُر ما ينكِرُه الكثيرون من الغضب إذا انْتُهِكَت مَحَارِم الله، فيكون فاعل ذلك الغضب هو صاحبُ المنكَرِ فيُنكَرُ عليه، ويُرْمى بكلِّ بَليَّة!.

وليَعلم أصحاب الآراء المخالفة لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين يحتجُّون برحمة العُصَاة في عدم التغليظ عليهم أو معاقبتهم بالحدود الشرعية أنهم تاركون للرحمة الحقيقية لِخُدَعٍ وهْمِيَّة ضارَّة لهم بترك المأمور وللعصاة بالتمادي في الإصرار والغرور، وتأمل ما ذكره ابن تيمية - رحمه الله - في هذه المسألة حيث قال: (وبِهَذا يتبين أنَّ العقوبات الشرعية كلها أدويةٌ نافعةٌ يُصْلِحُ الله بها مرض القلوب، وهي من رحمة الله بعباده، ورأفته بهم الداخلة في قوله تبارك وتعالى: {وَمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015